لماذا يجر النظام الجزائري شعبه إلى مواجهة مع المغرب ؟

0

شكلت موقعة الكركرات محطة فاصلة في ذلك الصراع المفتعل بين الجزائر والمغرب، وكشفت عن الطرف الحقيقي الذي يقف من وراء هذا النزاع. وفي سياق ذلكيحق لنا أن نتساءل أين اختفت البوليساريو بعد تلك الموقعة؟ لقد أزيح البيدق عن رقعة الشطرنج ولم يعد له أثر. وغاب المرتزقة عن الأنظار بعد أن أسلموا سيقانهم إلى الريح وتركوا نعالهم بلا رجعة في رمال الكركرات.

كان ذلك خبرا أدبر وولى. وقف النظام الجزائري على حقيقة مرة وهي أن مرحلة البيدق استهلكت وانتهت ولم تعد صالحة. منذ يومها فرض على نظام الثكنات أن يزيل القناع ويتموقع في الواجهة. وبعد أن تخلى عن دوره في مسك الخيوط من خلف الستار، خرج إلى العلن في معركته الدبلوماسية وهو يسارع بنفسه أكثر من أي وقت مضى إلى التحرك وهو في حالة هستيريا وهذيان بنية  محاصرة المغرب ووقف الاكتساح الذي حققت من خلاله الدبلوماسية المغربية انتصارات متوالية.

ولم يكتف النظام الجزائري بما راكمه من فشل بعد هذا الخروج المخزي، بل أدخل نفسه في دوامة بدأت بشراء الذمم التي لم تجد نفعا، وانتهت بأزمات مع دول إقليمية وازنة سواء بابتزازها أو إغرائها لكن تلك الدول كانت عصية على النظام الجزائري ورفضت الانصياع للأطروحات الجزائرية. ولم تتوالى المصائب فرادى على النظام الجزائري بل جاءته من كل صوب وحدب. جاءتهمن مجلس الأمن الدولي  الذي أصدر قرارا داعما للأطروحة المغربية ومخيبا لما كان يتطلع إليه جنرالات الجزائر وخاصة الموقف الفرنسي الذي راهنت عليه كثيرا الجزائر. وجاءته كذلك من إسبانيا التي حدت حدو واشنطن واعترفت هي الأخرى بمغربية الصحراء. ولم ينفع النظام الجزائري مساومة مدريد بمادة الغاز في شيء ولا تعطيل العمل بالأنبوب الذي يمر من شمال المغرب إلى إسبانيا. كذلك هي إخفاقات أخرى منيت بها الدبلوماسية الجزائرية من قبيل سحب الاعترافات بالجمهورية الوهمية واعتراف دول بمغربية الصحراء من خلال افتتاح قنصليات لها بالأقاليم الصحراوية.

بعد هذا الفشل الذي مني به النظام الجزائري على المعترك الدبلوماسي، وبعد أن بدا له  كذلك أن الأمور أصبحت خارج السيطرة والتحكم مما سبب له ذلك من حرج على الصعيد الداخلي. ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، عمد إلى نقل المعركة إلى مربعات أخرى من خلال محاولاته المتكررة والمكشوفة وذلك بزج الشعب الجزائري في معركة ليست بمعركته وشحنه بمشاعر العداء والكراهية تجاه أشقائه المغاربة. هذه المقاربة الجديدة فيها نوع من الإهانة والاستخفاف بالشعب الجزائري وإلهائه في قضايا وحسابات لا تخصه ولا تندرج في أجندة انشغالاته. بينما هم الشعب الجزائري هو كرامته،هو ضمان قوته اليومي، هو صحته وتعليمه وتوفير ظروف العمل لشبابه. الزج به في معركة مع الشعب المغربي هو آخر ما يمكن أن يطرأ على بال.

وقد وجد النظام الجزائري في رياضة كرة القدم خير ما يمكن أن يمرر فيها لعبته القذرة لأنها رياضة تستهوي كل شعوب العالم بما فيها الشعب الجزائري الشقيق. العداء الذي أظهرته دولة الثكنات في مناسبات  رياضيةضد المغرب فاق كل التوقعات. من بينها الاعتداءات الوحشية بالضرب والجرح لعناصر المنتخب المغربي للشبان كان ذلك في المقابلة النهائية وعلى أرض الجزائر، ناهيك عن السب والشتم والقدح في الرموز السيادية للمملكة المغربية. وكذلك فعل جنرالاتهم بعزل أنفسهم عن بقية دول العالم وشعوبها التي آزرت وأشادت وهللت لإنجازات المنتخب المغربي في مونديال قطر بعد أن أصبح رابع منتخب على الصعيد العالمي. بينما جنرالاتهم وإعلامهم كانت لهم قراءتهم الخاصة المبنية على العداء والكراهية.

واليوم تستضيف الجزائر اليطولة الإفريقية للمنتخبات المحلية في أجواء مشحونة وتتنافى مع كل الأخلاق والقيم الرياضية القائمة على السلام والمحبة والإخاء بين الشعوب. النظام الجزائري وكما هو معروف بعدائه للمغرب، قرر منذ البادية ان يعرقل مشاركة المنتخب المغربي في هذه البطولة الإفريقية لأنه منخب قوي ويخشى النظام الجزائري أن يظفر المغرب بكأس هذه البطولة للمرة الثالثة على التوالي. ولذلك، رفض النظامالسماح للمنتخب المغربي بالالتحاق عبر رحلة مباشرة إلى الجزائر في سابقة لم تسجل في تاريخ كرة القدم العالمية. بل أكثر من ذلك، ذهب إلى ما هو أبعد في مسلسل العداء والكراهية وقام بإحضار رجال النظام من عناصر الأمن والجيش ورجال المخابرات بما فيهم الانفصاليون بزي مدني وزرعهم في وسط الجمهور ليرددوا شعارات معادية للمغرب في مباراة الافتتاح على أساس أنهم أناس من شرائح مختلفة للشعب الجزائري. إنه سيناريو محبوك ينطوي على شحن الرأي العام الجزائري بمغالطات بنية التأثير عليه وصرف اهتمامه عن مشاكله الحقيقية.

إجمالا، بات واضحا وجليا أن النظام الجزائري قد فاته الركب وأصبح متجاوزا إقليميا وقاريا ودوليا. وخشية من أن ترتد عليه تداعيات عقود من الاستنزاف وهدر مال الشعب الجزائري، يحاول اليوم أن يتستر على ذلك الإخفاق والاستعانة بالرياضة سيما في بيئة جزائرية شديدة الاحتقان وقابلة للانفجار في أية لحظة. ومن المؤكد أن هذا النظام يراهن على إنجاز كروي لكي يتجاوز هذه المرحلة العصيبة. ولعل استبعاد المنتخب المغربي عن البطولة الإفريقية قد يندرج في هذا المخطط .

     

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.