السيادة الوطنية للإشهار

0

عزيز نداعلي: 

حفاظة جديد براحة مستوحاة من حضن الأم، فاصل إشهاري بطله ممثل تركي يتولى رعاية ابنه، يطالعك وأنت تشاهد شاشة القنوات التلفزية الوطنية، وهذا من حقها ولا ضير، هذا الأمر قد يوحي بأننا لسنا ضد اعتماد القنوات التلفزية على المستشهرين، وضد تنزيل مقاطع إشهارية باعتبارها مصدر تمويل هام لماليتها، بل على العكس من ذلك فإننا نؤيد سعي متعهدو وسائل الاعلام السمعية والبصرية إلى البحث عن مستشهرين، والرفع من سوق الإعلانات بشكل هيكلي يحترم الخصوصية المغربية، ويحترم المشاهد المغربي المستهدف من الإعلان الاشهاري.
عند الخوض في موضوع الاستثمار في سوق الإعلانات الاشهارية تطالعنا الأرقام التي تعبر عن هزالة الاستثمار في هذا المجال، إذ أن نسبة الإعلانات مقارنة بالناتج المحلي لا تتجاوز 0.16% وهي أقل بخمس مرات من المتوسط العالمي الذي يبلغ 0.74%.
لعل هذا التباين في الأرقام بين الشركات الراغبة في الاستفادة من الحيز الزمني لتمرير الإعلان الإشهاري الخاص بمنتوجها رغم نذرتها، ورغبة متعهدو وسائل الاعلام السمعية والبصرية من إنعاش مواردها المالية، جعلتها تــدعن لاختيارات الشركات الاستثمارية في سوق الاشهار بالمغرب، من دون استحضار رغبة المتلقي في عدم تلقي أي خطاب إشهاري قد يتعارض مع اختياراته المبدئية أو التوجهات العامة.

لا بد من التذكير بالتوصيات التي خلص إليها تقرير الدراسة الميدانية لمجموعة العمل اقتصاديات السمعي البصري تحت عنوان “سوق الاشهار بالمغرب، توجهات وتحديات”
– ضرورة اعتماد ترسانة قانونية تحد من الاختلالات الناجمة عن حرية المنافسة، ولا يجب أن يشكل التقنين الذاتي بديلا عن النص القانوني بل مكملا له، والعمل على تجديد الترسانة القانونية المنظمة للاتصال السمعي البصري، بحيث أن بعض المقتضيات القانونية أصبحت تشكل عبء يحد من ديناميكية الفاعلين في السوق، الذين يواجهون تحديات اقتصادية معقدة ومنافسة قوية من عمالقة الانترنيت، كما تعاني وسائل الاعلام السمعية البصرية الوطنية من تمييز واضح مقارنة بالفاعلين الأجانب الذين لا يخضعون لأي قيود.
– إعادة هيكلة القطاع بما يضمن السيادة الإشهارية التي تحترم الخصوصية المغربية، وتقوي من إدراك المتلقي المغربي لماهية الخطاب الاشهاري بما يركز لديه الرغبة في التلقي وأن يتحقق له الاستمتاع بالوصلة الإشهارية لا بالتولي عنها إلى غيرها.
ولتحقيق هذه الغاية يتعين على الجمعيات المهنية في سوق الاشهار الاندماج لخلق تصور منسجم وفاعل للبحث عن توازن مشترك بين اهتماماتهم المتنوعة، كما تكون لهم قوة اقتراحية وفاعلة لمجابهة كل التحديات المرتبطة بعالم الانترنيت.
– ضرورة اعتماد تدابير تحفيزية لترشيد الاستثمار في سوق الاشهار بما يحقق السيادة الاشهارية والاستفادة من التنوع الهوياتي المغربي بما يحقق إنعاش الاستثمار الإعلاني، من خلال تخصيص الائتمانات الضريبية، على شكل تخفيض في القاعدة الضريبية لصالح المعلنين لتحفيزهم على الاستثمار في الاتصال، ولصالح شركات البث لتغطية نفقاتها في مجال الابداع، وإلغاء الضريبة على الشاشة.
ما أثارني وأنا أطالع والوصلة الإشهارية المتعلقة بنوع معين من الحفاظات، وهو إدعان القنوات التلفزية إلى المستشهر الذي استعان في وصلة الإشهارية على ممثل تركي لكون الشركة المنتجة للحفاضات موضوع الاعلان هي شركة حياة كيميا، وهي شركة تركية رائدة في السلع الاستهلاكية، جميل أن تستعين بممثل تركي ومن حقها، فمن باب غيرتنا على المتلقي المغربي الذي يفخر بنجومه من الفنانين المرموقين الذين بصموا على أعمال فنية رائدة استحسنها الجمهور المغربي، وعلى نجوم سطع ضيائهم في سماء الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص، والتي أو الذي لو تم الاستعانة به أو بها في الفاصل الاشهاري لكان أجدى وأنفع للجانبين، أم أن عقدة الأجنبي أرخت بظلالها على المشهد، وجعلت من مقولة “مطرب الحي لا يطرب”، أم أن متعهدي الاتصال السمعي البصري، التفتوا إلى الجانب المليء من الكاشي من دون أن يعيروا للسيادة الإشهارية أي اعتبار، فكان على الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري تدارك الأمر، وتتدخل لمنع تمرير الوصلة الاشهارية لعدم احترامها للسيادة الوطنية، لترسخ لثقافة المغربة في الوصلات الاشهارية، لأن المغاربة ببساطة أصبحوا أبطالا فكيف لا نرضى بمرورهم في الوصلات الاشهارية.
*باحث وفاعل مدني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.