الداخلية تحسم في تضارب المناصب الانتخابية وتمنع الجمع بين البرلمان ورئاسة الجماعات

0

تتجه وزارة الداخلية إلى إحداث تغيير جوهري في خريطة المسؤوليات الانتخابية بالمغرب، بعد أن أقرت تعديلات جديدة على مشروع قانون تنظيمي يوسع من حالات التنافي بين المناصب، ليمنع بشكل صريح الجمع بين رئاسة الجهات أو الجماعات الترابية أو مجالس العمالات والأقاليم، وبين العضوية في البرلمان.

هذا القرار، الذي نال موافقة المجلس الوزاري الأخير، يأتي في إطار مراجعة عميقة للقوانين المنظمة للحياة السياسية، بهدف ضمان استقلالية السلطة التشريعية عن المصالح المحلية، وتعزيز مبدأ التفرغ في أداء المهام التمثيلية.

الغاية: برلمان مستقل ومسؤولية أوضح

تنص المادة 13 من المشروع على أن رئاسة مجلس جهة أو أي هيئة منتخبة كبرى لم تعد قابلة للجمع مع العضوية في مجلس النواب، وهو ما تعتبره الحكومة خطوة ضرورية لإعادة الاعتبار لوظيفة النائب البرلماني، وترسيخ ثقافة مؤسساتية تقوم على التخصص والتفرغ بدل تداخل الأدوار.

وتشير مصادر حكومية إلى أن هذه التعديلات تمثل “تصحيحاً لمسار طويل من الجمع بين المسؤوليات”، الذي أدى في حالات عديدة إلى تراجع فعالية المؤسسات المنتخبة وخلط بين القرار المحلي والتشريعي.

استجابة لتوجيهات ملكية وإصلاحات هيكلية

يأتي المشروع في سياق سياسي متجدد يسعى إلى تنزيل التوجيهات الملكية المتعلقة بترسيخ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، كما يتقاطع مع ما أوصى به النموذج التنموي الجديد من ضرورة عقلنة تدبير الشأن الانتخابي والحد من تضارب المصالح بين المستويات المختلفة للحكم.

ويؤكد متتبعون أن هذا التعديل ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو تحول في فلسفة تدبير المناصب العمومية، يهدف إلى ضمان تفرغ المنتخبين لأدوارهم الحقيقية، وتقوية أداء البرلمان باعتباره سلطة تشريعية مستقلة عن نفوذ المصالح المحلية.

آليات قانونية جديدة لتكريس الانضباط والشفافية

يتضمن المشروع كذلك مقتضيات زجرية دقيقة، إذ تنص المادة 11 على تجريد النائب من عضويته في حال صدور حكم قضائي في حقه أو في حال بقائه رهن الاعتقال لأكثر من ستة أشهر.

كما تمنح المادة 18 لمكتب مجلس النواب أو وزير العدل حق إحالة حالات التنافي على المحكمة الدستورية، التي تفصل فيها داخل آجال محددة.

وفي حال تأكد وجود حالة تنافٍ، يُلزم النائب بتسوية وضعيته خلال ثلاثين يوماً من تبليغ القرار، تحت طائلة فقدان مقعده النيابي، ضماناً لاحترام القانون وتكريساً لمبادئ النزاهة في العمل التمثيلي.

تنظيم جديد للانتخابات وضبط المواعيد

ومن بين أبرز ما تضمنه المشروع تحديد مهلة الإعلان عن موعد الانتخابات العامة في تسعين يوماً قبل الاقتراع، وخمسة وأربعين يوماً في الانتخابات الجزئية، وهي خطوة تروم ضمان تنظيم انتخابي أكثر انضباطاً واستعداداً.

وبذلك، تسعى وزارة الداخلية عبر هذا التعديل إلى إرساء مرحلة جديدة في العمل السياسي بالمغرب، حيث لا مكان لتعدد المسؤوليات على حساب المردودية، ولا مجال لتقاطع الأدوار بين من يمثل المواطنين تشريعياً ومن يدبر شؤونهم محلياً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.