من المونديال إلى التنمية.. 227 مليار درهم لتشييد مغرب جديد

0

يدخل المغرب مرحلة جديدة من التحول الاقتصادي والهيكلي مع إعلان المؤسسات العمومية عن مخطط استثماري غير مسبوق يمتد إلى غاية عام 2030، تقدر كلفته الإجمالية بنحو 227.5 مليار درهم.

هذه البرامج، التي تُشكل حجر الزاوية في مشروع قانون المالية لسنة 2026، تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في مجالات النقل والملاحة الجوية والتحول الرقمي، ضمن رؤية شاملة لتأهيل البلاد لاستضافة كأس العالم 2030 وتعزيز مكانتها كقوة اقتصادية صاعدة في المنطقة.

السكك الحديدية: مشروع القرن يربط الشمال بالجنوب

المكتب الوطني للسكك الحديدية يقود واحدة من أضخم الأوراش في تاريخ النقل المغربي، بإطلاق مشروع القطار فائق السرعة الرابط بين القنيطرة ومراكش على مسافة تناهز 430 كيلومترًا.

المشروع، الذي تقدر تكلفته بحوالي 96 مليار درهم، يهدف إلى جعل التنقل بين الأقطاب الاقتصادية للمملكة أسرع وأكثر استدامة، مما سيحول شبكة السكك الحديدية إلى رافعة حقيقية للتنمية الوطنية.

الطرق السيارة: رؤية تمتد إلى 2032

في موازاة ذلك، تواصل الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب تنفيذ استراتيجيتها الجديدة بعد توقيع مذكرة تفاهم مع الدولة سنة 2025، باستثمارات تناهز 17 مليار درهم، موجهة لتوسيع البنية التحتية الطرقية وتعزيز شبكات الربط بين المدن. كما تشمل الخطة مشاريع إصلاح كبرى تهدف إلى الرفع من السلامة الطرقية وجودة الخدمات.

المطارات: فضاءات جوية تواكب الطموح العالمي

وفي مجال الطيران المدني، أطلق **المكتب الوطني للمطارات مخطط “مطارات 2030” الذي تصل قيمته إلى 38 مليار درهم.

البرنامج يركز على تحديث المطارات الرئيسية، لا سيما تلك التي ستستقبل جماهير كأس العالم، مثل الدار البيضاء، مراكش، طنجة، وأكادير.
وسيتم بناء محطة جوية جديدة بمطار محمد الخامس بقدرة استيعابية تبلغ 20 مليون مسافر سنويًا، إضافة إلى مشروع مطار جديد في الدار البيضاء مرتبط بشبكة القطار فائق السرعة.
كما تم الانتهاء من توسعة مطار الرباط-سلا، فيما يُتوقع استكمال تطوير مطار تطوان سانية الرمل بحلول سنة 2027.

الخطوط الملكية المغربية: التحليق نحو العالمية

تسعى الخطوط الملكية المغربية (RAM) إلى تعزيز حضورها الدولي عبر خطة طموحة تهدف إلى مضاعفة أسطولها ليصل إلى 200 طائرة في أفق 2037، ورفع عدد الوجهات الدولية إلى أكثر من 100، والداخلية إلى 46.
وتهدف الشركة إلى تحقيق 94 مليار درهم كرقم معاملات سنوي ونقل 31.6 مليون مسافر بمعدل امتلاء يبلغ 82%، مما سيجعلها من بين الشركات الرائدة قارياً.

التحول الرقمي: نحو سيادة تكنولوجية مغربية

على صعيد آخر، تسير المملكة بخطى ثابتة في طريق الرقمنة من خلال برنامج استثماري بقيمة 80 مليار درهم ضمن استراتيجية “المغرب الرقمي 2030”.
وتشمل الخطة إطلاق شبكات الجيل الخامس (5G) عبر الترخيص لثلاث شركات وطنية خلال سنة 2025، مع بدء التشغيل التجاري في 2026. ويُتوقع أن تغطي هذه التقنية 85% من السكان و100% من المدن المستضيفة للمونديال في أفق 2030.

رؤية شاملة للتنمية والاستدامة

تؤكد هذه الاستثمارات المليارية أن المغرب يسير وفق رؤية استراتيجية تجمع بين البعد الاقتصادي والبنية التحتية والتكنولوجي، وتُهيئ الأرضية لمستقبل أكثر تنافسية.
فمع هذه المشاريع العملاقة، يستعد المغرب ليس فقط لاحتضان كأس العالم 2030، بل لترسيخ مكانته كمنصة إفريقية للحداثة والتنمية المستدامة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.