كاب 24
قال النائب البرلماني عن فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب الحجيرة في تدخله باسم الفريق خلال الجلسة المخصصة لمناقشة التقرير المتعلق بتقييم برامج محاربة الأمية بالمغرب إن هذه المناسبة تمثل لحظة تأمل جماعي في مسار طويل مليء بالجهود والنوايا الحسنة، لكنه متقل بالاختلالات البنيوية التي ظلت تفرغ السياسات من فعاليتها الميدانية.
وأفاد الحجيرة بأن الأمية ليست مجرد عجز في القراءة والكتابة، بل هي عائق هيكلي يعطل التنمية، ويقيد المشاركة، ويضعف الإنتاج، ويقزم الوعي، مؤكدا أنها وجه آخر للفقر والتهميش وغياب تكافؤ الفرص. وأضاف أن محاربة الأمية ليست قضية تربوية فحسب، بل هي قضية كرامة وعدالة وتنمية ووجود.
وأوضح أن بلادنا قطعت أشواطا مهمة في الوعي بهذه القضية منذ الاستقلال، غير أن الطريق ما زال طويلا، مبرزا أن ملايين المغاربة ما زالوا يعيشون على هامش المعرفة، محرومين من أبسط حقوقهم في التعلم.
وكشف النائب أن مناقشة هذا التقرير لا تتعلق بأرقام جامدة، بل بمصير مواطنين يعيشون دون أدوات الاندماج في عصر المعرفة والرقمنة، مشيرا إلى أن كل مواطن أمي هو طاقة معطلة وفرصة ضائعة للتنمية.
وأبرز الحجيرة أن الأمية تضعف الاقتصاد، وتقلص الإنتاجية، وتؤثر على الصحة العامة، وتحد من فعالية البرامج الاجتماعية، وتضعف الوعي المدني والسياسي، معتبرا أنها جدار سميك يفصل بين المغرب الذي نطمح إليه ومغرب الواقع.
وسجل أن بلادنا بذلت مجهودات حقيقية لا يمكن إنكارها، من خلال إحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية سنة 2011، وبرامج محو الأمية بالمساجد، إلى جانب برامج محو الأمية الوظيفية والمهنية، ومبادرات المجتمع المدني، غير أن هذه الجهود ظلت مبادرات مجزأة تفتقر إلى الانسجام والتنسيق الاستراتيجي.
وأشار إلى أن المشكل لا يكمن في غياب النية، بل في ضعف الحكامة والتدبير وغياب رؤية وطنية متكاملة تجعل من محاربة الأمية مشروعا وطنيا وأولوية استراتيجية.
وأكد أن من أبرز الاختلالات المسجلة تعدد الفاعلين وتداخل الاختصاصات وضعف نظام التتبع والتقييم، ما جعل البرامج تركز على عدد المسجلين دون قياس أثر التعلم واستدامته. كما نبه إلى أن الاعتماد الكبير على الجمعيات تم دون تقوية قدراتها، فتحولت بعض الجمعيات إلى مجرد وسائط للحصول على التمويل العمومي.
وسجل الحجيرة أن نسبة الأمية انتقلت من 47.5 في المائة سنة 2014 إلى 38 في المائة سنة 2024، وهو تقدم مهم، لكنه لا يخفي التفاوتات المجالية العميقة بين المدن والجبال والمناطق النائية.
وتساءل النائب البرلماني عن مدى استعداد الحكومة لوضع رؤية وطنية مندمجة وشجاعة تجعل من محاربة الأمية ورشا حقيقيا للتنمية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

