في تطور غير مسبوق للأزمة القائمة بين الجزائر ومالي، قررت حكومة باماكو التصعيد رسميا عبر اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، حيث أودعت دعوى ضد الجزائر تتهمها فيها بارتكاب “عمل عدائي وعدوان سافر” بعد إسقاط طائرة استطلاع مالية بدون طيار على مقربة من الحدود المشتركة.
وتعود فصول القضية إلى ليلة 31 مارس وفاتح أبريل، حين أعلنت باماكو أن طائرة من طراز بيرقدار “أقنجي” وتحمل الرقم التسلسلي TZ-98D، تعرضت للتدمير داخل التراب المالي في منطقة تينزاواتين الحدودية.
السلطات المالية شددت على أن هذا الهجوم استهدف بشكل مباشر إعاقة عملياتها ضد الجماعات المسلحة النشطة بالمنطقة، معتبرة أن ما وقع يمثل خرقا واضحا لميثاق الأمم المتحدة.
مالي أكدت أيضا أنها وجهت منذ السادس من أبريل مراسلات رسمية إلى الجزائر للمطالبة بتوضيحات وأدلة تثبت ادعاءاتها حول اختراق الطائرة للمجال الجوي الجزائري، غير أن رد الجزائر ظل غائبا. وذهبت باماكو أبعد من ذلك حين اتهمت السلطات الجزائرية بـ”التواطؤ مع الإرهابيين وتوفير الحماية لهم”، معتبرة أن حادثة إسقاط الطائرة ليست سوى حلقة في سلسلة من الأفعال العدائية المتكررة.
من جهتها، سارعت الجزائر إلى تقديم رواية مغايرة تماما، حيث أعلنت وزارة الدفاع أن أنظمتها الدفاعية رصدت طائرة استطلاع مسلحة توغلت داخل أجوائها على عمق عدة كيلومترات، قبل أن يتم إسقاطها دفاعا عن السيادة الوطنية، مشيرة إلى أن الحطام عُثر عليه في الجانب الجزائري، وهو ما ترفضه باماكو بشدة، مؤكدة أن بقايا الطائرة وُجدت على مسافة تناهز 10 كيلومترات داخل أراضيها.
هذا التصعيد سرعان ما انعكس على العلاقات الثنائية، إذ استدعت مالي سفيرها من الجزائر وأعلنت إغلاق مجالها الجوي أمام الطيران الجزائري، لترد الجزائر بخطوات مماثلة، مما ضاعف من حدة الأزمة التي تعود جذورها إلى قرار باماكو الانسحاب من اتفاق السلم الموقع في الجزائر سنة 2015.
ووفق المتتبعين، فإن الخطوة التي أقدمت عليها مالي تهدف إلى تدويل النزاع وإخراجه من دائرة الاتهامات الثنائية إلى الإطار القانوني الأممي، في انتظار أن تبت محكمة العدل الدولية أولا في مدى قبول الدعوى قبل المرور إلى مناقشة جوهرها، وهي عملية إجرائية قد تستغرق أشهرا طويلة.
