كشف التقرير السنوي لمكتب الصرف حول ميزان المدفوعات والوضعية الخارجية للمغرب أن سنة 2024 عرفت انكماشا واضحا في حجم الاستثمارات المباشرة بالخارج، حيث لم يتجاوز مجموعها 6,9 مليارات درهم، مقابل 12,4 مليار درهم خلال 2023، أي بتراجع يناهز 44,6%.
وبالمقابل، ورغم انخفاض التدفقات الجديدة التي بلغت 27 مليار درهم فقط (مقابل 31,4 مليار درهم في السنة السابقة)، فإن عمليات التخارج ارتفعت لتسجل 20,2 مليار درهم بعد أن كانت في حدود 18,9 مليار درهم، ما أدى إلى تقلص صافي الاستثمارات المغربية بالخارج بشكل كبير.
من حيث طبيعة العمليات، سجلت الأدوات المالية المرتبطة بالديون انهيارا شبه كامل بنسبة 86,3% لتتراجع من 8,9 مليارات درهم سنة 2023 إلى 1,2 مليار درهم فقط في 2024، في حين ارتفعت قيمة الأسهم وحصص المشاركة بـ 80% لتبلغ 3,9 مليارات درهم، إلى جانب ارتفاع طفيف في الأرباح المعاد استثمارها التي وصلت إلى 1,8 مليار درهم.
هذا التحول يعكس انتقالا تدريجيا من التمويل عبر الدين نحو رسملة المشاريع وإرساء حضور استراتيجي طويل الأمد.
أما على مستوى الوجهات، فقد تصدرت إيطاليا قائمة البلدان المستقبلة لصافي الاستثمارات المغربية بالخارج سنة 2024 بحجم بلغ 3,3 مليارات درهم، تلتها مالي (1,4 مليار درهم)، ثم الولايات المتحدة وإسبانيا (0,8 مليار درهم لكل واحدة منهما)، وبلجيكا (0,5 مليار درهم). وشكلت هذه الدول مجتمعة أكثر من 98% من إجمالي الاستثمارات المغربية المباشرة بالخارج.
ورغم التراجع العام، احتفظت القارة الإفريقية بمكانة محورية في التوجه المغربي، إذ استقطبت حوالي 17,9% من التدفقات الجديدة بما يعادل 4,8 مليارات درهم، في تأكيد على استمرار الرهان الاستراتيجي للمملكة على أسواقها.
قطاعيا، واصلت الصناعات التحويلية صدارة القطاعات المستقطبة لصافي الرساميل المغربية بالخارج، متبوعة بالإعلام والاتصال الذي تضاعفت استثماراته لتبلغ 1,9 مليار درهم، ثم قطاع البناء بـ 0,6 مليار درهم.
ويرى مراقبون أن هذا التراجع الكبير في 2024 يعود بالأساس إلى الحذر المتزايد لدى المقاولات المغربية بفعل اضطراب الأوضاع الاقتصادية العالمية وصعوبات التمويل، مع الميل نحو تثبيت الاستثمارات القائمة بدل الانخراط في توسعات جديدة، غير أن تصاعد الاستثمار عبر الأسهم وحصص المشاركة قد يفتح المجال أمام رسوخ أكبر للرساميل المغربية في الخارج على المدى الطويل.

