في خطوة وُصفت بـ”التحول التشريعي المنتظر”، طرحت الحكومة المغربية مشروع قانون جديد يهدف إلى تعديل وتتميم الظهير الشريف المنظم لتعويضات حوادث السير، وهو النص القانوني الذي ظل لعقود محل انتقاد من قبل فاعلين حقوقيين وقانونيين، بسبب ما يعتبرونه “حيفًا صريحًا” في حق الضحايا.
المبادرة تأتي في سياق تصاعد الضغط الشعبي، وارتفاع الأصوات المطالِبة بإصلاح جذري لمنظومة تعويضات حوادث السير، خاصة بعد تكرار شكاوى المتضررين من هزالة التعويضات الممنوحة لهم، والتي لا تعكس لا جسامة الضرر ولا تكاليف العلاج أو المعاناة النفسية المصاحبة.
تمييز وتفاوت غير مبرر في حساب التعويضات
من أبرز الاختلالات التي طالتها الانتقادات، ما وصفه المحامون والحقوقيون بـ”التمييز المجحف” بين الضحايا على أساس مستوى الدخل. ففي الوقت الذي يُفترض فيه أن التعويض يجب أن يُحتسب بناء على الضرر والضرر فقط، تعتمد الصيغة الحالية جدولاً يربط قيمة التعويض بدخل الضحية، ما يؤدي عمليًا إلى تقليص التعويضات لفئة واسعة من ذوي الدخل المحدود، مقارنة بذوي الدخل المرتفع.
كما طالت الانتقادات ضعف تقدير الأضرار المعنوية والنفسية الناتجة عن الحوادث، والتي غالبًا ما تُعامل على نحو ثانوي في ملفات التعويض، رغم كونها في كثير من الأحيان أكثر وقعًا من الأضرار الجسدية.
أرقام غير منطقية تثير الاستياء
يُشار إلى أن الحد الأدنى للتعويض الشهري المحدد حاليًا يبلغ 772 درهمًا فقط، وهو مبلغ لا يغطي حتى نفقات العلاج البسيطة، في وقت يتجاوز فيه الحد الأدنى للأجور بالمغرب 3000 درهم، بينما يُقدّر متوسط الأجور في القطاع العام بما يفوق 10 آلاف درهم.
هذا التفاوت دفع عدداً من المتابعين إلى التساؤل حول مدى عدالة النظام الحالي، حيث يُنظر إلى أن المستفيد الأكبر منه هو قطاع التأمينات، الذي يحقق أرباحًا كبيرة سنويًا مقابل تعويضات توصف بالهزيلة وغير المنصفة.
تطلعات لإصلاح حقيقي
يرى مهتمون بالشأن القانوني أن مراجعة هذا القانون تمثل فرصة تاريخية لإعادة التوازن بين مصالح الضحايا وشركات التأمين، مع ضرورة تضمين النصوص الجديدة لمعايير أكثر عدالة وشفافية، تضمن تعويضًا منصفًا لجميع المتضررين، دون تمييز طبقي أو تهميش للأثر النفسي والمعنوي.
