فرنسا تُحضّر لـ “حرب عالية الكثافة”: تسريب وثائق يكشف خطة تعبئة صحية وعسكرية بحلول 2026

0

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، كشفت صحيفة “لو كانار أونشينيه” الفرنسية عن تسريب وثائق رسمية صادرة عن وزارة الصحة، تطالب فيها الهيئات الصحية الإقليمية بالاستعداد لـ”حرب عالية الكثافة” قد تندلع في أوروبا خلال أقل من عامين.

الوثائق المؤرخة في 18 يوليو 2025، والمنسوبة إلى وزيرة الصحة كاترين فوترن، تضمنت أوامر مباشرة بوضع المستشفيات في حالة تأهب لاستقبال “آلاف الجرحى”، في ما يبدو أنه سيناريو مواجهة عسكرية واسعة النطاق.

خطة طوارئ.. أم اعتراف ضمني؟

الحكومة الفرنسية سارعت إلى احتواء الضجة، مؤكدة صحة الوثائق، لكنها أوضحت أن ما ورد فيها لا يعدو كونه إجراءً احترازيًا في إطار الاستعداد للأزمات المحتملة، بما في ذلك احتمال استقبال جنود مصابين من مناطق صراع خارجية أو ضمن عمليات دولية، إلا أن توقيت التسريب، والمصطلحات الواردة في الوثيقة—مثل “حرب عالية الكثافة” و”تدخل عسكري”—دفعت الكثيرين للتشكيك في الخطاب الرسمي، واعتباره نوعًا من التمهيد النفسي والسياسي لاحتمال تورط فرنسا في صراع عسكري مباشر، سواء في أوكرانيا أو في جبهة أوروبية أخرى.

كتيّب تعبئة.. ورسائل غير مباشرة

اللافت أن الحكومة لم تكتفِ بنفي نية التصعيد، بل أعلنت عن إصدار كتيّب توعوي سيُوزّع على المواطنين في خريف هذا العام بعنوان: “الجميع صامدون”. الكتيّب يحتوي على إرشادات موجهة للسكان للتعامل مع الأزمات، ومنها سيناريوهات حربية، في ما يُشبه محاكاة تعبئة وطنية تدريجية. هذا التوجه يعيد إلى الأذهان أساليب التعبئة المدنية التي شهدتها أوروبا في الحربين العالميتين، ويعكس قلقًا واضحًا لدى صناع القرار من احتمال توسع دائرة المواجهة شرقًا.

أوروبا على صفيح ساخن

تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد حدة التوتر بين حلف الناتو وروسيا، واستمرار الحرب في أوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات. تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة، والتي وصف فيها نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ”الغول على أبوابنا”، تكشف عن تحول في المزاج السياسي الفرنسي من خطاب الوساطة والدبلوماسية إلى لغة أكثر حدة واستعدادًا للمواجهة.

في هذا السياق، لا تبدو فرنسا وحيدة. العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا وبولندا ودول البلطيق، شرعت خلال الأشهر الماضية في إعادة هيكلة جيوشها، وتفعيل قوانين التجنيد، وزيادة موازنات الدفاع بشكل غير مسبوق منذ نهاية الحرب الباردة.

 الداخل الفرنسي.. أزمة فوق أزمة

التحركات الأمنية والعسكرية تتزامن مع أزمة داخلية عميقة تعيشها فرنسا: أزمة سياسية خانقة بعد الانتخابات البرلمانية، احتجاجات شعبية مرتقبة في 10 سبتمبر ضد سياسات التقشف، وتحديات اقتصادية واجتماعية متزايدة. بالنسبة للعديد من الفرنسيين، فإن الحديث عن الحرب يأتي في وقت تبدو فيه الدولة عاجزة حتى عن إدارة شؤونها الداخلية، مما يثير مخاوف من استخدام “الخطر الخارجي” كوسيلة لصرف الأنظار عن الأزمات الداخلية.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.