لم تُشف مليلية المحتلة بعد من تداعيات القرار الذي اتخدته المملكة المغربية بإغلاق المعبر الجمركي التجاري في غشت 2018.
سبع سنوات مرت، ولا تزال المدينة تعيش على وقع أزمة اقتصادية خانقة، ألقت بظلالها على مختلف القطاعات الحيوية.
رئيس المدينة، خوان خوسيه إمبرودا، لم يُخفِ حجم الانهيار الذي تعرض له الاقتصاد المحلي، قائلاً إن ما يقارب 60 في المئة من الأنشطة الخاصة تضررت بفعل ما وصفه بـ”الضربة القاتلة”، في إشارة إلى قرار الرباط الذي أعاد رسم ملامح التجارة في المنطقة، وأنهى زمن الامتيازات القائمة على تهريب السلع أو ما يُعرف محلياً بـ”الاقتصاد الرمادي”.
ورغم محاولات مدريد ترميم ما يمكن ترميمه، إلا أن الوضع لا يزال معلقًا، بل يزداد هشاشة، وفق ما جاء في تدخل إمبرودا خلال مؤتمر الرؤساء الذي عُقد في برشلونة، حيث وجّه انتقادات مباشرة للحكومة المركزية، معتبرًا أن الحديث عن فتح مرتقب للمعبر في يناير 2025 ليس سوى “وهم سياسي”، يتجاهل واقعاً تغير جذرياً، ومصالح أعيدت هيكلتها بشكل عميق منذ القرار المغربي.
الصحافة الإسبانية لم تتردد في إبراز عمق الأزمة، مُشيرة إلى أن المدينة باتت تواجه نقصًا في الإمدادات، وارتفاعًا في الأسعار، وتآكلاً في القدرة الشرائية، وسط تراجع جلي في تنافسية المقاولات الصغيرة التي كانت تعيش على هامش التهريب المعيشي.
ولأن المعبر كان شريانًا اقتصاديًا حيويًا، فإن غيابه حوّل المدينة إلى كيان معزول عن محيطه الجغرافي، في وقت لم تنجح فيه الحكومة الإسبانية في فرض أي نموذج بديل يعوض الخسائر المتراكمة.
الاحتقان بلغ أيضًا مستويات غير مسبوقة في مجال الربط البحري والجوي، حيث اشتكى المسؤول الأول عن المدينة من تدهور خدمات النقل، خاصة بعد تعليق الخط البحري نحو ألميريا، ما تسبب في أزمة لوجستية حادة زادت من شعور سكان مليلية بالعزلة والتهميش.
وفي غياب رؤية تنموية واضحة، عاد إمبرودا ليحذر من أن الوضع مرشح لمزيد من التفاقم، إذا لم تتحمل الدولة المركزية مسؤوليتها، وتتعامل مع مليلية كمجال ترابي استراتيجي لا مجرد نقطة حدودية فقدت وظيفتها السابقة، وأصبحت عبئًا اقتصادياً يتفاقم بصمت.