في تطور يعكس عمق الشراكة الأمنية بين المغرب وإسبانيا، أُعلن عن توقيف شخص مشتبه في انتمائه لتنظيم “داعش” الإرهابي في مدينة غوادالاخارا وسط إسبانيا، وذلك بفضل تنسيق محكم بين الحرس المدني الإسباني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بالمغرب.
هذه العملية الأمنية المشتركة تؤكد مرة أخرى الدور الفاعل الذي باتت تلعبه الأجهزة الاستخباراتية المغربية في مواجهة التهديدات العابرة للحدود، حيث اشار البيان الرسمي الصادر عن الحرس المدني إلى أن المعلومات المتوفرة لدى الأجهزة المغربية كانت حاسمة في تحديد مكان تواجد المشتبه به، ما سمح بتوقيفه وإحالته على المحكمة الوطنية الإسبانية المختصة في قضايا الإرهاب.
هذه العملية تأتي استجابة لمذكرة توقيف دولية صادرة عن السلطات المغربية، في إطار ملف مفتوح يتعلق بقضايا إرهابية، ويبدو أن هذا التنسيق القضائي والأمني يعكس الثقة المتبادلة بين البلدين في هذا المجال الحساس.
المغرب، الذي يملك أحد أكثر الأجهزة الاستخباراتية فاعلية في المنطقة، يُعزز من خلال هذه العملية موقعه كشريك استراتيجي موثوق فيه لدى أوروبا، في وقت تتزايد فيه التحديات المرتبطة بالإرهاب والتطرف، خاصة مع بروز تهديدات غير تقليدية من أفراد معزولين أو عائدين من مناطق الصراع.

كما أن إسبانيا، من جهتها، تبدي حرصًا واضحًا على تقوية هذا النوع من التعاون، لا سيما في ظل ارتباط أمنها الداخلي بالاستقرار الإقليمي في شمال إفريقيا.
هذا النوع من العمليات الأمنية لا يُقرأ فقط في بعده التقني، بل يتعداه إلى البعد الجيوسياسي، إذ يُعد مؤشرًا على تحول المقاربة الأمنية من نمط التحرك المنفرد إلى منطق الشراكات الاستباقية.
المغرب وإسبانيا، رغم ما شهدته علاقاتهما من توترات في فترات سابقة، يواصلان إرساء نموذج ناجح في التعاون الأمني متعدد المستويات، يُبنى على المصالح المشتركة والوعي بأهمية التصدي الجماعي للمخاطر الإرهابية.
وإذا كانت هذه العملية قد أجهضت خطرًا محتملاً، فإن الرسالة الأعمق التي تحملها تتجلى في أن فعالية مكافحة الإرهاب اليوم لم تعد رهينة الحدود الجغرافية، بل تعتمد أساسًا على تقاسم المعلومات، وتنسيق الجهود، وتوحيد الرؤية في مقاربة جماعية للأمن الإقليمي والدولي.