في تطور سياسي لافت، حسم حزب العدالة والتنمية موقفه بالانضمام إلى مبادرة المعارضة البرلمانية الرامية إلى إسقاط حكومة عزيز أخنوش، عبر تفعيل آلية ملتمس الرقابة المنصوص عليها في الفصل 105 من الدستور، وهي خطوة تعكس تصاعد التوتر بين مكونات المشهد السياسي في البلاد، وتفتح الباب أمام مواجهة مفتوحة تحت قبة البرلمان.
الحزب، الذي عاد إلى موقع المعارضة بعد سنوات من تدبيره الشأن الحكومي، برر قراره بما اعتبره “تراجعات خطيرة” على المستويين الاجتماعي والتشريعي، متهماً الحكومة بالتقصير في الاستجابة لمتطلبات المواطنين، وبالعبث بمنظومة الحكامة عبر تعطيل مشاريع قوانين حيوية، والتهرب من آليات المساءلة البرلمانية، فضلاً عن “احتكار القرار التشريعي بمنطق سلطوي يعاكس روح الديمقراطية التشاركية”.
وفي خلفية هذا القرار، تتصاعد أصوات الانتقاد الموجهة إلى الحكومة بسبب غلاء المعيشة، وتفجر قضايا شائكة كملف دعم استيراد المواشي، الذي أثار جدلاً واسعاً بشأن شبهات في التدبير، ما دفع فرق المعارضة إلى المطالبة بتشكيل لجنة تقصي الحقائق، وهي الدعوة التي ووجهت برفض واضح من مكونات الأغلبية.
ووفق مصادر برلمانية، فإن أطراف المعارضة، التي كانت إلى وقت قريب تتحرك في اتجاهات متفرقة، تمكنت من توحيد صفوفها حول صيغة موحدة لملتمس رقابة، في سابقة لم يشهدها البرلمان منذ تشكيل الحكومة الحالية.
ويُرتقب أن تكتسي هذه المبادرة بعداً رمزياً كبيراً، حتى وإن لم تُفضِ إلى إسقاط الحكومة فعلياً، بالنظر إلى التوازنات الرقمية داخل مجلس النواب.
العدالة والتنمية، بهذا الموقف، يراهن على كسر حالة الجمود التي تخيم على الحياة السياسية، وجرّ الحكومة إلى ساحة المساءلة العلنية، بعدما ظلت تُدير ملفات حساسة بعيداً عن ضوء النقاش العمومي، وهي خطوة تحمل رسائل مزدوجة: أولها موجه إلى المواطن الغاضب، وثانيها إلى خصومه السياسيين داخل الأغلبية.
فهل تنجح المعارضة في تحويل ملتمس الرقابة من ورقة احتجاجية إلى أداة ضغط حقيقية؟ أم أن الحكومة ستواصل شق طريقها رغم كل الانتقادات، محمية بأغلبيتها العددية وتحالفاتها الظرفية؟