حلّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته في المغرب، حيث استقبلهما الملك محمد السادس في مطار الرباط سلا، في زيارة رسمية تمتد لثلاثة أيام.
ورافق الملك في استقبال الرئيس الفرنسي وحرمه، كل من ولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأمير مولاي رشيد، والأميرات لالة خديجة ولالة مريم، مما أضفى طابعًا رسميًا مميزًا على الحدث.
وشهدت مراسم الاستقبال استعراضًا لتشكيلة من الحرس الملكي، بالإضافة إلى إطلاق 21 طلقة مدفعية، مما يدل على عمق الروابط التاريخية بين المغرب وفرنسا.
;يتطلع المغرب وفرنسا إلى مرحلة جديدة من العلاقات خلال هذه الزيارة، في ظل مرحلة دقيقة من التطورات الدولية والإقليمية، حيث يسعى البلدين إلى تعزيز مكانتيهما وسط التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية.
أبعاد سياسية وتحولات دولية
تُعد هذه الزيارة فرصة لتقوية العلاقات بين الرباط وباريس في ظل الأزمات الإقليمية المتفاقمة والتحولات في سياسات الطاقة العالمية، حيث بات متوقعًا أن تتخذ فرنسا خطوة لافتة من خلال إعلان رسمي بدعم سيادة المغرب على الصحراء المغربية، وهي خطوة طالما انتظرها المغرب في مسيرته لتعزيز دعمه الدولي في هذا الملف، بعد الاعتراف الأمريكي في 2020.
هذا الموقف المرتقب يواكب تصاعد التوتر بين فرنسا والجزائر، حليفة جبهة البوليساريو، ما قد يزيد من تعميق التعاون بين المغرب وفرنسا، خاصة أن العلاقات المغربية الفرنسية عرفت في الآونة الأخيرة تقارباً استراتيجياً في عدد من القضايا المشتركة، ما يمكن أن يعزز ثقل المغرب في منطقة المغرب الكبير وشمال إفريقيا، ويعطيه دوراً محورياً في التوازن الإقليمي.
أهمية الشراكة في مجال الطاقة المتجددة
يمثل ملف الطاقة المتجددة مجالاً مهماً للتعاون المشترك، حيث أصبح المغرب نموذجاً رائداً في هذا المجال بفضل استثماراته الكبيرة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مع خطط طموحة لتطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وتتماشى هذه الجهود مع أهداف التحول الطاقي لفرنسا وأوروبا بشكل عام، التي تسعى لتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري، وبالذات في ظل تراجع أهمية النفط والغاز بالنسبة للجزائر.
المغرب كبوابة اقتصادية نحو إفريقيا
إلى جانب القضايا السياسية والطاقية، تبرز الأهمية الاقتصادية لزيارة ماكرون، حيث يسعى المغرب إلى تعزيز دوره كمحور رئيسي للأعمال والتجارة بين إفريقيا وأوروبا.
تبرز مشاريع البنية التحتية الضخمة، مثل ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يعكس رؤية استراتيجية طويلة المدى لتسهيل الوصول إلى الأسواق الإفريقية.
ويتيح المغرب من خلال تطوير شبكاته في النقل والاتصالات، بيئة جاذبة للشركات الأوروبية الراغبة في التوسع داخل القارة الإفريقية، في ظل منافسة متزايدة من قوى اقتصادية مثل الصين وتركيا.
التحديات الجزائرية وانعكاساتها الإقليمية
في المقابل، تبدو الجزائر، التي لطالما اعتمدت على مواردها النفطية والغازية لكسب النفوذ، في موقف يتسم بالتحدي مع تصاعد التحول العالمي نحو الطاقات البديلة.
هذا الواقع، إلى جانب التوتر المتزايد مع فرنسا، قد يؤدي إلى تراجع نفوذ الجزائر إقليمياً، ما يُضعف قدرتها على التأثير في ملفات حيوية مثل قضية الصحراء المغربية.
رؤية مشتركة نحو المستقبل
تمثل زيارة ماكرون منعطفاً في علاقات الرباط وباريس، تعكس إدراك فرنسا المتجدد لأهمية المغرب كشريك استراتيجي يمكن الاعتماد عليه في تحقيق الاستقرار الإقليمي، ودعم جهود التنمية المستدامة، وتعزيز النفوذ الأوروبي في إفريقيا.