الهولدينغ الحكومي وتفقير الشعب
قبيل تشكيل الحكومة الحالية التي يترأسها رجل المال و الأعمال السيد عزيز أخنوش، بعد تصدر حزب الأحرار للانتخابات التشريعية الأخيرة، حذر عدد من المختصين و المحللين إلى كون هذه الحكومة ستكون حكومة المقاولات و رؤوس الأموال و لن تقدم أي دعم أو سند للطبقات المتوسطة و الفقيرة و التي تمثل في نظرها اليد العاملة.
جاءت هذه الحكومة و تحققت رؤى المنجمين، حيث عدا تنزيل بعض من ركائز المخطط التنموي الذي أقره جلالة الملك محمد السادس نصره الله، و الذي لا يمكن احتساب نقاطه لصالح أي حكومة أو حزب سياسي، لم يطل الشعب المغربي أي إنجاز على المستويين الاقتصادي و الاجتماعي من صنع يد حكومة المقاولات التي تسير البلاد. فالعالم كله ما فتئ يسترجع بعض من قواه جراء تبعات كورونا حتى أظلت بظلالها الحرب الروسية الأوكرانية و التي تسببت في أزمة عالمية نتج عنها تأرجحات في أثمنة بعض المنتجات و مصادر الطاقة خاصة منها إرتفاع ملحوظ في أسعار البترول و الذي ترتب عنه زيادة في العديد من السلع و الخدمات. و بحكم أن المغرب لا زال دولة مستهلكة و غير منتجة للبترول و استمرار أزمة مصفاة لاسامير، فقد عانى من تداعيات هذا الارتفاع حيث أثر جليا على عدد من المواد الاستهلاكية الرئيسية مما تسبب في ضعف القدرة الشرائية للمواطن. و بذل أن يتخد الهولدينغ الحكومي، و الذي تغلب عليه عقلية رجل المال و الأعمال، إجراءات لكبح هذه الزيادات من لوبي المحروقات التي تضاعفت أرباحهم مرتين بعد تحرير سوق بيع المحروقات حيث انتقلت حسب بعض المحللين من نصف درهم هامش ربح في اللتر إلى ما يفوق درهم و نصف هامش ربح في اللتر، فقد نهجت الحكومة بعقليتها المقاولاتية و خدمة لمصلحة بعض المنتسبين لها سياسة الهروب إلى الأمام حيث قامت بدعم مادي مباشر لمهنيي قطاع النقل بمختلف تخصصاته إضافة إلى دعم مادي مباشر لشراء الأعلاف بالنسبة للفلاحين، إلا أن هذه الإجراءات لم يكن لها أي تأثير على المستهلك فقد استمر إرتفاع أثمان الخدمات و المنتجات كما عرفت أضحية العيد هذه السنة إرتفاعا كبيرا دفع العديد من الأسر إلى العزوف عن تأدية هذه الشعيرة. و بدل كل هذا ألم يكن من الأجدر لهذه الحكومة أن تقلص من هامش ربحها خاصة في ما يتعلق بالمنتجات البترولية و كذا إيقاف العمل ولو مؤقتا بتحصيل الضرائب المفروضة على المواد الطاقية (الضريبة الداخلية على الاستهلاك TIC، والضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد) و التي تمثل أزيد من 40% من سعر البيع النهائي و التي يؤديها المستهلك مباشرة لدى محطات بيع المحروقات، و لماذا رغم انخفاض سعر برميل البترول بأزين من 22 دولار ليصل إلى مستوى 100 دولار للبرميل بدل 122 دولار لم يؤثر ذلك على سعر البيع للمستهلك سوى بناقص درهم وحيد للبنزين و الغازوال.
و ما يزيد من تأكيد العقلية الرأسمالية للحكومة هي أنه في الوقت الذي لازالت فيه ألسنة النار تلتهم مئات الهكتارات من المجال الغابوي بمنطقة الشمال المغربي، و التي تسببت في تشريد العديد من الأسر و نفوق عدد كبير من رؤوس الماشية، نجد رئيس هذه الحكومة يتوجه إلى منطقة تغازوت لتفقد بعض مشاريعه و كذا ليحظر فعاليات مهرجان تيميثار بمدينة أغادير و يتمايل على موسيقاه و التي تمازجت أنغامه بشعارات المطالبة باستقالته من الحكومة.
ألم تتعظ هذه الحكومة من الثورات التي شهدتها و تشهدها العديد من الدول نظرا للظروف التي تعيشها مجتمعاتها.
ألن تتراجع هذه الحكومة عن سياستها لتفقير الشعب المغربي و توسيع الهوة بين الطبقات.
ألم تستوعب مكونات هاته الحكومة أن للبلاد ملك يحميها و يحمي شعبها و أنه قادر على إعادة الأمور إلى نصابها.