أثار والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، علامة استفهام كبيرة حول استمرار ارتفاع أسعار زيت الزيتون في السوق الوطنية، رغم تسجيل وفرة في الإنتاج خلال الموسم الأخير، معتبراً أن هذا التناقض يعكس اختلالات أعمق في مسارات التسعير والوساطة، أكثر مما يرتبط بعوامل الإنتاج.
وخلال ندوة صحافية أعقبت اجتماع مجلس بنك المغرب، شدد الجواهري على أن موجة الغلاء لم تعد محصورة في مؤشرات التضخم الرسمية، بل امتدت إلى ما سماه “التضخم المحسوس”، أي ذلك الذي يلمسه المواطن مباشرة في معيشه اليومي، وهو ما يفرض، بحسبه، تعاملاً أكثر حذراً مع التوقعات الاقتصادية وتدخلاً مبكراً لمعالجة الاختلالات قبل تحولها إلى أزمات مستدامة.
وأكد والي بنك المغرب أن الظرفية الدولية الحالية تتسم بتقلبات حادة في الأسعار، غير أن هذه التحولات لم تُضعف صمود الدرهم المغربي، الذي ظل متماسكاً بفضل توازنات الاقتصاد الكلي والاحتياطات المتوفرة، ما يعكس، وفق تعبيره، نجاعة السياسة النقدية المتبعة في مواجهة الصدمات الخارجية.
وفي جانب آخر لا يقل أهمية، كشف الجواهري عن إحالة تقرير مفصل حول تنامي التعامل بالنقد (“الكاش”) على كل من رئيس الحكومة ووزارة الاقتصاد والمالية، مبرزاً أن الاستراتيجية التقنية لمحاصرة هذه الظاهرة جاهزة منذ سنوات، إلا أن تفعيلها يظل رهيناً بقرارات مؤسساتية وتنسيق حكومي شامل.
وتطرح ملاحظات والي بنك المغرب، خاصة بخصوص زيت الزيتون، تساؤلات مباشرة حول بنية السوق، وهوامش الربح، ودور الوسطاء، في وقت يتزايد فيه الضغط على القدرة الشرائية للأسر، رغم توفر المنتجات محلياً.
كما تعيد إلى الواجهة إشكالية الاقتصاد النقدي، الذي يحدّ من الشفافية ويضعف نجاعة السياسات المالية، في ظرفية تتطلب أقصى درجات الضبط والتتبع.

