اختارت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، أن تواجه واقع السياسات القروية دون مواربة، معلنة أن برنامج المساعدة المعمارية والتقنية المجانية الذي رُوّج له كأداة لتأهيل البوادي، “لم يحقق أي أثر ملموس على الأرض”.
المنصوري، التي كانت تتحدث أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب في سياق مناقشة ميزانية قطاعها لسنة 2026، لم تُخف امتعاضها من نتائج البرنامج، مؤكدة أن التجربة أبانت عن قصور واضح في التخطيط والتنفيذ، بسبب غياب تحفيزات حقيقية للمهندسين المعماريين المكلفين بالمواكبة الميدانية، وهو ما جعل آلاف الأسر القروية خارج نطاق الاستفادة.
وفي معرض تحليلها، شددت المسؤولة الحكومية على أن تعويض 3000 درهم المخصص لكل مهندس “غير كافٍ لضمان التزام جدي”، مضيفة أن بعض الجهات التي وُقّعت معها اتفاقيات لم تنجح في تنفيذ الالتزامات بسبب غياب الانخراط المهني، ما جعل الأهداف المعلنة مجرد أرقام بلا أثر تنموي.
وبعيداً عن لغة التبرير، أكدت المنصوري أن وزارتها بادرت إلى فتح ورشة داخلية لإعادة هندسة البرنامج برمته، بهدف بلورة مقاربة جديدة أكثر فعالية وشمولية، تقوم على التنسيق بين الجماعات الترابية والمهنيين ومؤسسات التمويل المحلي، حتى يتمكن المواطن القروي من بناء مسكنه وفق معايير حديثة تحترم كرامته.
وفي الوقت ذاته، كشفت الوزيرة أن حصيلة القطاع على مستوى التخطيط الحضري شهدت قفزة نوعية، إذ تمت المصادقة خلال ولايتها على 49 تصميم تهيئة مقابل خمسة فقط في الولاية السابقة، معتبرة أن إصلاح المنظومة العمرانية لا يمكن أن يتم دون تسريع وتيرة دراسة المشاريع والرخص.
وتحدثت المنصوري عن معالجة ما يفوق 450 ألف ملف متعلق بطلبات البناء خلال الأربع سنوات الأخيرة، تمت الموافقة على 58 في المائة منها، موضحة أن أغلبها مشاريع سكنية صغرى، لكنها تشكل رافعة اقتصادية مهمة في المجال الحضري.
وختمت الوزيرة مداخلتها بالتأكيد على أن إصلاح سياسات السكن القروي يظل من أولويات الوزارة في المرحلة المقبلة، لأن “الرهان الحقيقي ليس فقط في بناء المنازل، بل في بناء الثقة بين الدولة والمواطن القروي.”

