الگارح ابوسالمCap24
في خطاب تاريخي وجهه صاحب الجلالة إلى الشعب المغربي، عقب تصويت مجلس الأمن الدولي يومه الجمعة لصالح مخطط الحكم الذاتي بالصحراء، افتتح جلالته كلمته بالآية القرآنية الكريمة: “إنا فتحنا لك فتحا مبينا”، مؤكدًا أن المغرب يدخل اليوم فتحًا جديدًا ومسارًا حاسمًا نحو الحل النهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء، بعد خمسين عامًا من التضحيات والجهد الدبلوماسي المتواصل.
وقال جلالته: “من دواعي الاعتزاز أن هذا القرار جاء تخليدًا للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء”. وأضاف: “نعيش مرحلة فاصلة ومنعطفًا حاسمًا في تاريخ المغرب الحديث، فهناك ما قبل 30 أكتوبر وما بعده”.
كما أعلن جلالته تقديم مبادرة الحكم الذاتي محينة ومفصلة للأمم المتحدة، مؤكّدًا أن هذه المبادرة تمثل الإطار الأكثر واقعية والدائم لتسوية النزاع، موجّهًا نداءً صادقًا إلى ساكنة مخيمات تندوف، وداعيًا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى “حوار أخوي صادق لتجاوز الخلافات”، من منطلق أن الحل الواقعي للصحراء يخدم الأمن والاستقرار للمنطقة بأسرها.
من المسيرة الخضراء إلى استعادة السيادة
في 6 نوفمبر 1975، وعلى وقع المسيرة الخضراء التي قادها جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، استعاد المغرب السيادة على الصحراء بعد انسحاب الاستعمار الإسباني، مؤكّدًا مرارًا أن “الصحراء مغربية وستبقى مغربية”
ومنذ ذلك التاريخ، تبنّت المملكة مسارين متوازيين: مسار دبلوماسي وقانوني عبر المنظمات الدولية، ومسار داخلي تنموي لتعزيز الوحدة الترابية وربط الأقاليم الجنوبية بباقي جهات المملكة، لتصبح الصحراء جزءًا فاعلًا ومتماسكًا من المشروع الوطني.
خلال عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني، تم الاستثمار المكثف في البنية التحتية والتنمية المحلية، لتصبح التنمية جزءًا من حماية الحقوق السيادية، وليعيش المواطن في الجنوب كشريك فعلي وحقيقي في الوطن.
عهد جلالة الملك محمد السادس: المبادرة الجديدة والتحول الدولي
مع تولي جلالة الملك محمد السادس العرش، دخل ملف الصحراء مرحلة جديدة من التحول السياسي والدبلوماسي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث شدد على أن “مغربية الصحراء حقيقة ثابتة لا تخضع للتفاوض”، مقدمًا مبادرة “الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية” كإطار سياسي متين وواقعي للحل.
وقد أثمرت الجهود الدبلوماسية للمملكة، بقيادة جلالته، نتائج ملموسة على الصعيد الدولي، إذ بدأت الدول الكبرى تعترف بالمبادرة المغربية كخيار الأكثر واقعية والدائم، متجاوزة كل محاولات عرقلة الأطراف الخارجية، وعلى رأسها الجزائر.
فشل الأطروحة الجزائرية والعودة إلى الواقع
لقد أثبتت الأحداث الأخيرة، ومع فشل محاولات الجزائر لعزل المغرب دوليًا أو تعطيل جهود مجلس الأمن، أن أطروحة حكام الجزائر شاخت ولم تعد صالحة. ومع القرار الدولي رقم 2756 لمجلس الأمن في 31 أكتوبر 2025، الذي اعتمد بأغلبية واضحة وغياب الجزائر عن التصويت، أصبح جليًا أن أي محاولة لتعطيل جهود المغرب لم تعد قائمة.
هذه اللحظة التاريخية تؤكد أن الجزائر مدعوة اليوم للتفكير في مصلحة الشعب الجزائري الشقيق أولًا، بعيدًا عن النزاع المفتعل الذي طال أمده، وفتح صفحة من الواقعية والتعاون الإقليمي لصالح شعوب المنطقة.
الانتصار الدبلوماسي وإصرار المغرب على الاستكمال
هذا الانتصار الدبلوماسي يزيد المغرب، بقيادة إرادة وطنية حازمة، إصرارًا على استكمال مشاريع الحكم الذاتي على أرض الواقع، وتفعيل التنمية المستدامة في الأقاليم الجنوبية، وإشراك السكان المحليين في مؤسسات منتخبة حقيقية، لتكون الصحراء جزءًا فاعلًا ومتماسكًا من الوطن، وفتح صفحة جديدة من الاستقرار والازدهار.
ويؤكد المسار المغربي أن أي تقدم سياسي أو دبلوماسي لا يكتمل إلا بتنمية ملموسة واستقرار دائم، وبإرادة قوية لتثبيت الحق المغربي على الأرض، مع دعوة كل الأطراف للعودة إلى الصواب والانتباه لمصالح شعوبها.
وهكذا من المسيرة الخضراء إلى القرار رقم 2756 لمجلس الأمن سنة 2025، قطع ملف الصحراء المغربية خمسين عامًا من الجهد الدبلوماسي والتنمية الداخلية، وظل راسخًا تحت راية الوطن والسيادة والهوية.
واليوم، ومع هذا التحول التاريخي، يواصل المغرب مسيرة الحسم والتنمية، مؤكدًا إصراره على تنفيذ الحكم الذاتي، وتعزيز الأمن والاستقرار، وفتح صفحة جديدة من الازدهار للأقاليم الجنوبية، لتصبح الصحراء رمزًا للوحدة الوطنية والقوة الدبلوماسية المغربية
