وسط موجة احتجاجات متواصلة على تردي الخدمات الصحية في شمال المملكة، أثارت زيارة وزير الصحة والحماية الاجتماعية، محمد أمين التهراوي، لمستشفى سانية الرمل بتطوان صدى واسعاً، بعد أن اعترض بعض المواطنين موكبه مطالبين بالتحقيق في اختلالات المستشفى وسوء المعاملة.
المواطنون لم يخفوا استياءهم من طول الانتظار وتأجيل الفحوصات، إضافة إلى الإهمال الواضح لبعض الأطر الطبية والتمريضية، حيث يروي المرضى مواقف صادمة لأطباء يغادرون قاعات المناوبة لتناول وجباتهم تاركين حالات حرجة دون متابعة.
وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي يُرتقب أن يزور الوزير مستشفى محمد الخامس بطنجة، الذي يواجه بدوره أزمة حقيقية في التجهيزات ونقص الأدوية، إلى جانب المعاملة السيئة التي يشتكي منها مرتادو المرفق.
المواطنون يؤكدون أن الحصول على فحوصات بسيطة كالسكانير قد يمتد لشهور، فيما تغيب الرقابة والمحاسبة عن الأطباء والتمريض، ما يفاقم معاناة المرضى بشكل يومي.
الجدير بالذكر أن هذا الواقع الصحي في جهة طنجة تطوان الحسيمة، يدفع لطرج تساؤلات حول دور المديرة الجهوية للصحة بالشمال، التي يغيب تواصلها الكلي أو الفعلي مع الأوضاع التي يشتكي منها القطاع، وهو ما يثير أيضا انتقادات حول مدى مسؤوليتها في تغطية الفساد العائم داخل هذه المؤسسات الصحية، فمن الملاحظ أن المديرة لا تحضر إلا عند وجود الوزير، وهو ما اعتبره متتبعون محاولة لإخفاء حجم الشكايات الحقيقية للمواطنين ومنعها من الوصول إلى الضوء.
ويؤكد متتبعون أن غياب الرقابة الإدارية يعزز حالات الإهمال ويزيد من مظاهر الفوضى والتسيب، ما يجعل زيارات الوزير خطوة مهمة لكنها غير كافية دون إصلاح فعلي في الإدارة الجهوية.
المؤشرات المقلقة تطرح سؤالاً محرجاً: هل سيجرؤ الوزير على زيارة مستشفى محمد الخامس بطنجة والإنصات للساكنة لاكتشاف حجم هذه الممارسات بنفسه؟ أم أن المدينة ستكون كباقي الجولات التفقدية، رغم أن ساكنتها تنتظر بفارغ الصبر لحظة مواجهة مباشرة بين المسؤولين والواقع اليومي للمرفق الصحي بمدينة كما يصفها البعض الكثير “ذو مواصفات عالمية”؟
تتضاعف خطورة هذه الوضعية إذا ما ربطناها بالرهانات الكبرى التي تنتظر المغرب، خصوصاً استضافته لبطولة كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030.
ففي حال اضطر زوار أجانب للتوجه نحو المستشفيات العمومية، أي صورة ستنعكس عن المغرب؟ هل سيصطدمون بمشهد الأطباء المنسحبين من غرف الفحص لتناول الطعام بينما المرضى يتألمون دون علاج؟ أم بالمواعيد المؤجلة لأشهر من أجل فحص لا يتطلب سوى دقائق؟ أم بالطوابير الطويلة من أجل الكشف؟!
بين طموح المغرب في تقديم نفسه كوجهة إفريقية وعالمية قادرة على تنظيم تظاهرات كبرى، وبين واقع المنظومة الصحية في مستشفيات كطنجة، يظل التحدي الأكبر أمام الحكومة ووزارة الصحة هو التوفيق بين الصورة المروجة للبلاد وبين الواقع الذي يعيشه المواطن يومياً.
المغاربة، قبل الزوار الأجانب، يتساءلون بمرارة: إلى متى ستظل المستشفيات العمومية، وعلى رأسها مستشفى محمد الخامس بطنجة، شاهداً على استهتار بلا محاسبة، ومعاناة بلا نهاية؟
