يدخل القطاع البنكي المغربي بأوروبا مرحلة دقيقة بعد دخول التوجيه الأوروبي CRD6 (2024-1619) حيز التنفيذ، إذ بات يفرض قواعد موحدة وصارمة على فروع البنوك الأجنبية داخل الاتحاد الأوروبي.
التشريع الذي نُشر في الجريدة الرسمية يوم 19 يونيو 2024، بدأ العمل به في 10 يوليوز، مع مهلة حتى يناير 2026 لدمجه في القوانين الوطنية للدول الأعضاء.
هذا الإطار التنظيمي الجديد يُجبر الفروع المغربية على التكيف مع متطلبات أكثر صرامة، قد تصل إلى حد تحويلها إلى شركات فرعية إذا تجاوزت حجم أصول معين أو مثّلت خطراً على استقرار النظام المالي الأوروبي، الأمر يعني تكاليف إضافية ضخمة مرتبطة بالامتثال، تشمل تحديث الأنظمة المعلوماتية وإعادة هيكلة بعض الأنشطة.
السلطات المغربية تنظر إلى هذه التطورات بقلق، خصوصاً وأن التحويلات المالية للجالية المغربية بالخارج تُعدّ ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، فقد بلغت هذه التحويلات حوالي 117,7 مليار درهم في 2024 مقابل 115 مليار درهم سنة 2023، ما يجعل أي تأثير سلبي محتمل مدعاة للانشغال.
مخاوف أخرى تلوح في الأفق، إذ قد تجد بعض البنوك المغربية نفسها مضطرة للانسحاب من السوق الأوروبية لتفادي الأعباء الجديدة، وهو ما قد يقلص من حجم هذه التدفقات المالية الحيوية.
وفي مواجهة هذا الوضع، أطلق بنك المغرب تنسيقاً مع وزارات ومؤسسات مالية وطنية لتشكيل مجموعة عمل، هدفها الدفاع عن مصالح المغرب والتفاوض مع نظرائه الأوروبيين.
لقاءات ثنائية عُقدت بالفعل، من بينها اجتماع مع وزارة الخزانة الفرنسية، في محاولة للتوصل إلى مقاربة مرنة في تطبيق التوجيه.
ورغم هذه التحديات، تُظهر التوقعات الاقتصادية أن المغرب سيحافظ على دينامية نمو إيجابية، يُرتقب أن تصل إلى 4,5% سنة 2025 وترتفع إلى 4,8% في 2026، مدعومة بتحسن الطلب الأوروبي وظروف التمويل داخلياً.
