تحولت سبتة المحتلة، نهاية هذا الأسبوع، إلى وجهة لعدد كبير من محاولات العبور الجماعي نحو الضفة الأوروبية، حيث اندفع قرابة مئتي شخص إلى البحر في محاولات متفرقة للسباحة عبر مضيق لا يرحم.
اللافت والصادم في الآن ذاته، هو أن بين هؤلاء المهاجرين من فئات هشة، حيث كان العنصر النسوي حاضر بقوة في المشهد بالإضافة الى قاصرين، وأشخاص في وضعية إعاقة، ما جعل المشهد أكثر مأساوية.
المغامرات تواصلت طوال الليل إلى غاية ساعات الفجر، قبل أن تتدخل الوحدات البحرية المغربية بالتنسيق مع خفر السواحل الإسباني لانتشال العشرات وإنقاذهم من موت محقق، غير أن خطورة الوضع كشفت حجم المخاطرة التي أقدم عليها هؤلاء، في بحرٍ متقلب وأمواجٍ عالية.
السلطات المغربية لم تقف عند حدود الإنقاذ، بل فتحت مسطرة تحقيق موسعة لتعقب الشبكات التي تغري الشباب بعبور مستحيل، مستثمرة هشاشتهم وأوضاعهم الاجتماعية المأزومة، فيما لا تزال هذه الظاهرة تسائل السياسات الإقليمية، خاصة مع تصاعد الضغط على مدينتي سبتة ومليلية كنقطتين رئيسيتين لمسارات الهجرة نحو أوروبا.
وتعيد هذه الأحداث المأساوية النقاش حول كلفة غياب بدائل اقتصادية للشباب، إذ بات البحر في نظر الكثيرين، رغم مخاطره، فرصة أخيرة للهروب من واقع يثقل يومياتهم.
وبينما تتكرر هذه الموجات من حين لآخر، يبقى البحر شاهداً صامتاً على صراع غير متكافئ بين أمل في حياة جديدة وخطر الغرق في منتصف الطريق.

