انهيار “GAC-Fiat Chrysler”: نهاية مأساوية لتحالف لم يفهم الصين

0

في قرار يُجسّد فشلًا صارخًا للاستراتيجيات الغربية داخل السوق الصينية، أعلنت محكمة “تشانغشا” في مقاطعة هونان، إفلاس الشركة المشتركة GAC-Fiat Chrysler، منهية بذلك أحد أكثر المشاريع الصناعية طموحًا بين الغرب وبكين خلال العقد الماضي.

التحالف الذي وُلد سنة 2011، بدفع من رئيس “فيات كرايسلر” الراحل سيرجيو ماركيوني، كان يُعوَّل عليه لاجتياح أكبر سوق سيارات في العالم. باستثمارات ضخمة تجاوزت 2.3 مليار يورو، ومصنعين عملاقين في “غوانزو” و”تشانغشا”، بدا المشروع حينها واعدًا، خاصة مع إطلاق طرازات مثل جيب رينيغاد وكومباس وشيروكي، إلى جانب سيارات “فيات” المصممة خصيصًا للسوق المحلي.

لكن ما بين أحلام التوسع وواقع المنافسة، بدأ المشروع يتآكل من الداخل. فقد أخفقت الشراكة في مواكبة التحول السريع نحو السيارات الكهربائية والذكية، تاركة نماذجها التقليدية تواجه منافسين صينيين أكثر ابتكارًا ومرونة.

وبلغت ذروة الفشل بحلول سنة 2022، حيث فشلت كل محاولات بيع أصول الشركة، رغم عرض المعدات والمصانع والأراضي في مزادات متتالية.

في الأرقام، تشير تقارير الإفلاس إلى ديون متراكمة فاقت 8.1 مليار يوان (حوالي 1.1 مليار دولار)، مقابل أصول لم تتجاوز قيمتها 1.9 مليار يوان، ما دفع القضاء الصيني إلى إعلان التصفية بعد فشل محاولات إعادة الهيكلة.

ولم تكن العوامل التقنية وحدها وراء الانهيار، بل لعبت التوترات الجيوسياسية وتدهور العلاقة بين الشريكين دورًا أساسيًا. فبعد اندماج “فيات كرايسلر” مع “بي إس آ” لتشكيل مجموعة “ستيلانتيس”، حاول المدير التنفيذي كارلوس تافاريس فرض سيطرة أكبر على المشروع، ما أثار غضب الشريك الصيني GAC، الذي اتهم الإدارة بـ”سوء التسيير” وانتقد ما وصفه بـ”بيئة قانونية طاردة” للشركات الأجنبية.

بإفلاس هذا التحالف، تطوي “ستيلانتيس” صفحة مريرة من مغامرتها الآسيوية، تاركة وراءها خسائر بمليار دولار، ودروسًا قاسية حول تعقيدات السوق الصينية وسرعة تحوّله نحو المستقبل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.