لم يعد المغرب مجرد شريك تجاري لتركيا في القارة الإفريقية، بل أصبح خلال عام 2025 أكبر مستورد إفريقي للسلع والخدمات التركية، وفقًا لأحدث بيانات جمعية المصدرين الأتراك.
في غضون خمسة أشهر فقط، استوردت المملكة ما يعادل 1.5 مليار دولار من البضائع التركية، متجاوزة بذلك مصر وليبيا، وهو ما يعبّر عن مسار صعودي في العلاقات الاقتصادية بين الرباط وأنقرة، قائم على تنويع المصالح وتسريع التبادل في مجالات حيوية.
التحول لا يقتصر على الأرقام، بل يتجسد ميدانيًا من خلال المشاريع المنجزة على الأرض. فشركات البناء التركية، التي باتت أسماء مألوفة في المشهد العمراني المغربي، تجاوزت قيمة إنجازاتها 4.3 مليارات دولار، مع استمرار تدفق استثمارات جديدة في قطاعات النقل والطاقة والمعدات.
وتستورد المملكة بشكل أساسي من تركيا: العربات الصناعية، المعدات الكهربائية، والوقود المكرر، وهي منتجات تواكب حاجيات الاقتصاد المغربي في مرحلة التحديث الصناعي.
من جانبها، تُدرج أنقرة المغرب ضمن الدول ذات “الأولوية الاستثمارية”، وهو ما انعكس على نوعية الخطاب والتقارب السياسي والتجاري بين البلدين، في ظل اتفاق التبادل الحر القائم منذ سنوات.
وعلى نطاق أوسع، تبدي تركيا اهتمامًا متزايدًا بالسوق الإفريقية ككل، حيث ارتفع إجمالي صادراتها للقارة إلى 19.4 مليار دولار سنة 2024، مدعومة بمنتديات اقتصادية مثل AFEX’25 الذي جمع مستثمرين أفارقة وأتراك مؤخرًا في إسطنبول.
تركيا، التي توسّع حضورها في إفريقيا أيضًا عبر التعاون الدفاعي، يبدو أنها تراهن على المغرب كبوابة آمنة ومدروسة، في وقت تبحث فيه القارة عن شركاء جدد لا يأتون بشروط سياسية مسبقة، بل بعروض اقتصادية قائمة على المصالح المتبادلة.

