تحوّلت شوارع العاصمة طهران إلى ساحة وداع رسمي وشعبي لـ60 من القتلى، سقطوا خلال الهجوم الإسرائيلي الأخير، بينهم شخصيات عسكرية وعلمية بارزة، كان أبرزهم رئيس هيئة الأركان اللواء محمد باقري.
فوسط أجواء الحداد والتوتر، انطلقت مراسم التشييع السبت من قلب جامعة طهران، حيث أُقيمت صلاة الجنازة بحضور الرئيس مسعود بزشكيان وكبار القادة المدنيين والعسكريين.
خلال هذا الحدث، رفرفت الأعلام الإيرانية والرايات السوداء، وردد المشاركون شعارات مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل، في تعبير صريح عن الغضب الشعبي والرسمي من العدوان الذي طال البلاد على مدى اثني عشر يومًا متواصلة.
الموكب الجنائزي جاب شوارع العاصمة من ميدان الثورة إلى ميدان آزادي، وسط حشود كبيرة جاءت لتودّع من وُصفوا بـ”شهداء الدفاع السيادي”، قبل أن يُدفن قسم من الجثامين في طهران، بينما تم نقل البقية إلى مساقط رؤوسهم بمناطق متفرقة من البلاد.
العدوان الإسرائيلي – المدعوم أمريكيًا – بدأ في 13 يونيو، واستهدف مواقع عسكرية ومراكز أبحاث نووية ومنشآت مدنية، فضلًا عن عمليات اغتيال مركزة استهدفت مسؤولين رفيعي المستوى.
وبحسب وزارة الصحة الإيرانية، أسفرت الهجمات عن 606 قتلى و5332 جريحًا، في تصعيد غير مسبوق وصفته طهران بـ”الحرب المركبة على السيادة الوطنية”.
ورغم حجم الضربة، لم تتأخر إيران في الرد، حيث أطلقت دفعات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه أهداف عسكرية واستخباراتية داخل إسرائيل، ما خلّف دمارًا واسعًا وفق روايات صحافة عبرية، وأسفر عن سقوط 29 قتيلًا وقرابة 3345 جريحًا، حسب الأرقام الرسمية الإسرائيلية.
وفي خضم التصعيد، دخلت الولايات المتحدة على خط المواجهة عبر استهداف مواقع نووية إيرانية رئيسية، مدعية أنها “قضت نهائيًا” على قدرات طهران النووية. غير أن رد طهران جاء سريعًا، حيث أعلنت قصفها قاعدة “العديد” العسكرية الأمريكية في قطر، ما وسّع رقعة المواجهة إلى مستوى إقليمي.
وبعد أيام من المواجهات المفتوحة، أُعلن وقف لإطلاق النار في 24 يونيو بمبادرة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي ظهر مجددًا على منصة “تروث سوشيال” ليتوعد طهران بإعادة الضربات إن حاولت استئناف تخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية.
ترامب، الذي كشف عن معلومات أمنية حساسة خلال منشوره، وصف خامنئي بـ”الجاحد”، قائلاً إنه كان يدرس رفع بعض العقوبات قبل أن يتراجع بسبب “بيان مهين” صدر من طهران.
في المقابل، وصفت الخارجية الإيرانية تصريحات ترامب بأنها “غير مقبولة”، مؤكدة أن احترام السيادة شرط لأي حديث عن مفاوضات مستقبلية.
الوزير عباس عراقجي شدد على أن التهديدات لا تصنع حلولًا، وأن الشعب الإيراني “اختار المقاومة ولن يركع”.
وفي خطابه المتلفز، قلّل المرشد الأعلى علي خامنئي من شأن الضربات الأمريكية، معتبرًا أن “الانتصار المعنوي والسياسي” كان من نصيب الإيرانيين، في إشارة إلى صمود مؤسسات الدولة رغم كثافة الهجمات.
