Ilayki invest

بنكيران وجنون الانتقام الانتخابي

0

بقلم : لحسن الجيت

يبدو أن السقطة المدوية التي عاشها حزب العدالة والتنمية في آخر انتخابات برلمانية عرفتها بلادنا في شهر 8 شتنبر 2021مازالت غصتها عالقة في عنق صاحبها عبدالإله بنكيران. لا هي استقرت في أحشائه لهضمها ولا هو استطاع أن يخرجها من الحلق وكأنها في عنق الزجاجة كاتمة أنفاس الرجل المهووس. الرجل كما نعاينه اليوم ملتهبا، ناره في اشتعال متزايد يريدها انتخابات مبكرة قبل أي أوان آخر، وقد عيل صبره من شدة الانتظار.

الدال على هذه الهرولة وإشارة فرك الأيادي يعبر عنهما ذلك الإسهال الذي أصابه من خلال كثرة خرجاته الإعلامية باستخدامه لوسائط التواصل الاجتماعي على مدار الأسبوع فيما الاستحقاق الانتخابي مازال يفصلنا عنه ما يزيد عن سنة كاملة. ومن المؤكد أن هذا الخروج المبكر والكاشف عن الحالة النفسية المضطربة للسيد عبدالإله بنكيران، يجعله يسقط في خروقات وتجاوزات غير قانونية في شكلها ومضمونها.

من حيث الشكل ليس من حق أي كان وخاصة حينما يتعلق الأمر بزعيم لحزب سياسي أن يبدأ حملة يوجه إعلامي فيما هي حملة انتخابية بكل ما تحمله من مواصفات. فالحملات الانتخابية عادةما تنطلق بموعد دستوري وتنتهي بأجل دستوري  تحددهمااللجنة العليا المكلفة بالإشراف على الانتخابات. ولأن الرجل من عاداته المألوفة التمويه والأخذ بعقول البسطاء في دوائر الغفلة، تجده يستخدم بعض القنوات الخاصة وبغض وسائط التواصل الاجتماعي بعيدا عن القنوات الرسمية لكي لا يتهم بأنه يشن حملة انتخابية غير دستورية.

من حيث المضمون، يلاحظ أن طبيعة الحملة التي يقودها زعيم حزب العدالة والتنمية هي حملة انتخابية بامتياز ولا تفيد مناوراته في التستر على طبيعة العمل السياسي الذي يكاد يمارسه كل يوم. عمل يطل به عبر الوسائط المتاحة له على عموم الناس لا فرق بينه وبين حملة انتخابية مكتملة الأركان، ركنها الأول استهداف رئيس الحكومة وليس الحكومة، الركن الثاني برمجة هذه الحملة بشكل أسبوعي وفي كل لحظة وحين وبوتيرةمتواصلة ولعلها ذاهبة بسرعة من دون التقاط الأنفاس في طريق سيار إلى حين الوصول إلى محطة الموعد الانتخابي، الركن الثالث  يتمثل في خطاباته الموجهة مباشرة إلى عامة الناس وتحريضهم على أقطاب هذه الحكومة والتركيز على استهدافهم بشكل شخصي للنيل من حضورهم ووجودهم في الفضاء الانتخابي المقبل.

في حملته المسعورة وحالة الهذيان كما هو عليها من شدة غليان الانتقام، تجده على غير هدى من أمره يتهجم على غريمه الأول رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش كما على غريمه الثاني وزير العدل عبداللطيف وهبي في ثرواتهم الشخصية وفي عرضهم وأصولهم وبمزاجية حادة لا علاقاتها بحملة قائمة على سياسات عمومية. وهذه المقاربة ليست غريبة على السيد عبدالإله بنكيران الذي اعتاد على شخصنة النزاعات مع ما يفترض فيه أن يراهم منافسين سياسيين.

من زلاته المماثلة في حملته هذه أنه يسمح لنفسه بأن يتعاطى مع شريحة من المجتمع المغربي باستخفاف وتهكم كما هو الحال مع أبناء منطقة سوس على أنهم بخلاء لا لشيء سوى أنهم يشكلون قاعدة انتخابية لخصومه السياسيين.

إلى جانب هذا الاستخفاف يلجأ إلى المزايدة على الدولة في خياراتها الاستراتيجية، وضرب العلاقات التي يريدها المغرب  أنيسخرها للمصالح العليا للبلاد. الرجل يحمل مشروعا سياسيا يراد به الهدم وليس البناء. فكيف له في هذه الظروف الإقليمية والدولية أن يشوش على هذه الخيارات بتحريك الدبابير عمدا من عشها سوى إذا كانت هناك نوايا مبيتة ضد الوطن. فالتهجم مثلا على الرئيس دونالد ترامب ، كما يفعل اليوم عبدالإله بنكيران ما هو إلا محاولة خبيثة للإيقاع بينه وبين المغرب.

فالدولة تعمل جاهدة على تصويب الموازين وبنكيران يحاول الإخلال بذلك التوازن. فأية سياسة هذه أو هذا النوع من التطاول كأن يدعو المغاربة إلى إعداد الأنفاق على اعتبار أن دونالد ترامب يتربص بالمغرب. دعوة من هذا النوع تفيد أن بنكيران يمتطي صهوة جواد أعرج وأنه لا يفقه في المعادلات الدولية ولا يعلم ما هي السياسة المتبعة في هذا العالم القابل للتغيير بين لحظة وأخرى. وفي المقابل عليه أن يستحضر من باب الوطنية الصادقة أن العلاقات اليوم بين الدول هي تلك العلاقات التي يجب أن تبنى على المصالح لا على الإيديولوجيات ولا على أي اعتبار آخر . ولا نريد في هذا الشأن ان نحمل السيد بنكيران ما لا طاقة له به سوى أن ينتبه لما يجري من حوله وهي أن الجزائر، كما وجب عليه أن يراها،  تفرش الأرض والفضاء أمام الولايات المتحدة الأمريكية مع قدوم الإدارة الجديدة،  فإن لم يستطع فليصمت.والسياسة العالمية أبعد منه كما تبعد السماء عن الأرض . وهو على هذا الحال لا يمكن له أن يقدم نفسه كرجل للمرحلة التي يراهن عليها. فالمرحلة المقبلة لها رجالها ولا يسعفك دموع تذرفها ولا قهقهات توزعها أو مشادة كلامية مع رجل إعلامي حاصرك وكشف عن محدوديتك ونظرتك السطحية للأشياء.  

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.