Ilayki invest

“ترند” جديد يغزو أقسام المدارس المغربية.. هل هو حب و تقدير أم رشوة تربوية؟

0

كاب24- متابعة

انتشرت في الأيام القليلة الماضية عبر منصات التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” ظاهرة ما بات يعرف بـ”الترند”، والتي أصبحت تتسلل تدريجيا إلى أقسام المدارس المغربية، مما أثار جدلًا واسعًا عبر هذه المنصات وبين أوساط المهتمين بالشأن التربوي، هذا “الترند” يوثق عملية تقديم هدايا عبارة عن شوكولاطة وأنواع أخرى من الحلويات يقدمها التلاميذ والتلميذات بالمدراس المغربية للأساتذة كوسيلة لإظهار الامتنان، وهو سلوك يعكس لدى البعض الاحترام والتقدير لمجهودات الأساتذة داخل فصولهم الدراسية، فيما يراه آخرون محاولة مفضوحة للحصول على ما وصفوه بـ”الرشوة التربوية” وخلق “البوز” ونشر ثقافة دخيلة على قيم المجتمع التربوي المغربي.

توزيع الحلوى..بين الإشادة والرفض

“ترند البشكيطو” أو “ترند بيمو” كما فضل بعض المدونين تسميته على مواقع التواصل الاجتماعي، قسم الآراء بين مرحب ورافض، فهناك من المعلقين ممن اعتبروه تعبيرًا حقيقيًا عن “عرفان التلميذ” تجاه الجهود التي يبذلها الأساتذة في تعليم الأجيال الصاعدة، مبرزين “أن مبادرة تقديم الحلوى أو الهدايا يعتبر نوعًا من الامتنان المشروع، الذي لا يهدف إلا إلى تعزيز العلاقة بين الأستاذ والتلميذ، كما يقول توفيق: “الشوكولاطة ليست مجرد حلوى، بل تحمل رسائل ذات طابع عاطفي واجتماعي، كما أنها تعبير عن الامتنان والتقدير والمحبة والعرفان، فالهدية تترك أثرا عظيما في النفس، خصوصا من أناس نتقاسم معهم الكثير، مشيرا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “تهادوا تحابوا”، أو كما يقول المثل الإنجليزي “الهدية صغيرة، ولكن الحب هو كل شيء”.

وفي هذا السياق دعت بعض الصفحات الفيسبوكية إلى”تعميم هذه المبادرة بمدارس المملكة، لأنها أضحت خطوة نبيل تعكس التقدير والاحترام للمجهودات الكبيرة التي يبذلها المعلمون في بناء الأجيال”، مبرزة “أن هذا السلوك يعزز الروح المعنوية للمعلمين وتساهم في تحفيزهم على بذل المزيد من الجهد للرفع من جودة التعليم في المغرب”.

وفي خضم هذا الجدل الذي صاحب هذه المبادرة، ذهب معظم التعليقات إلى انتقاد لما وصفوه بالسلوك الدخيل على المدرسة المغربية، مؤكدين “أن هذا التصرف يمكن أن يكون دافعا إلى الترويج لثقافة جديدة الحلوى مقابل منح النقط، حيث اعتبروا أن “بعض الأساتذة قد يتأثرون بهذه المبادرات، مما يدفعهم إلى منح نقط لا تلاءم المستوى الحقيقي للمتعلمين وبالتالي ضربا في تكافؤ الفرص، وفي هذا السياق قال الكاتب المغربي أحمد شهبي في تصريح خص به كاب24، “إن تقديم الهدايا يعتبر نوعًا غير مباشرا من “الرشوة التربوية”، لأن بعض التلاميذ قد يقدمون الهدايا بهدف استمالة المعلمين وكسب امتياز، مما يؤثر سلبًا على موضوعية التقويمات، لذلك ينبغي أن تكون العلاقة بين التلميذ والأستاذ قائمة على الاحترام والتقدي، لا على الهدايا”.

“الترند” الجديد .. القيم التربوية تحت المجهر

ووفق ما ذهب إليه نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، فإن هذه الظاهرة التي أضحت منتشرة بعدد من المدارس المغربية هي ظاهرة تتناقض مع القيم التربوية الحقيقية التي يجب أن يسعى المربي لنقلها إلى الأجيال الصاعدة، كما أنها سلوك لا دخيل على البيئة التعليمية المغربية، حيث لم تكن جزءًا من تقاليد المدرسة ويعتبرون أن “تقدير التلاميذ لأساتذتهم يجب أن يكون عبر التحصيل العلمي والاجتهاد، وليس عبر “صفقات” أو هدايا، لأنها قد تفتح الباب أمام ممارسات غير أخلاقية تؤثر على جودة التعليم”، مطالبين المعنيين بالشأن التربوي عن القطاع بما فيهم هيئة التفيتش، على ضرورة التعامل مع هذه الظاهرة بحذر ووضع ضوابط صارمة للتعامل مع مثل هذه الممارسات وضمان عدم تأثيرها على نزاهة العملية التعليمية.

إدريس، رجل تعليم، قال تعليقا على ” ترند بيمو” “إن الخوض في هذا السلوك يتطلب عدم إغفال الجانب الاجتماعي والذي يعد الدافع الأبرز لهذا العمل المتباين في أبعاده ودلالاته التربوية والسيكولوجية لدى التلاميذ”، معتبرا “أن هذا السلوك الإنساني الدخيل إما أنه يعبر عن حسن نية من طرف المتعلمين بالمدرسة المغربية واعتراف المجتمع الصريح بدور المدرس أو أنه فعل استفزازي مرتبط بمن يتحمل مسؤولية القطاع وهو بعيد كل البعد عن منظومة التربية والتعليم، لكن الفرضية الأقرب للواقع هي محاولة لكسب قلب الأستاذ ونيل عطفه مقابل منح نقط مجانية وسخية بعد إجراء الامتحانات المدرسية، متسائلا : هل ما يستحقه الأستاذ فعلا هو ثمن عشرون درهما من حلويا بيمو ؟ وهل الورد لا يليق بمقام الأستاذ ؟ وهل النية هي نية المصالحة أم ضربة معلم وتقليد أجنبي ؟”.

تصوير”الترند” و قانونية استعمال الهاتف بالفصول الدراسية

في ظل انتشار هذه الظاهرة بالوسط المدرسي، وتوثيقها بأشرطة فيديو ونشرها على مواقع التواصل الإجتماعي أثار استياء البعض، يقول الكاتب المغربي أحمد الشهبي، “إن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا كبيرًا في انتشار هذه الظاهرة، حيث أصبح التلاميذ يتبعون ما يرونه على منصات مثل “تيك توك” و”فيسبوك”، مما يخلق نوعًا من التنافس غير الصحي”، مبرزا “أن هذه الطريقة في تقديم الهدايا تعتبر خطوة نبيلة ومحترمة، ما لم تكن موثقة بأشرطة فيديو ونشرها بمواقع التواصل الاجتماعي، وما لم تكون النوايا خبيثة، فالنوايا لا تكون دائما صادقة”.

وأضاف الشهبي “أن هذه المبادرة رغم أنها قد تبدو لطيفة في ظاهرها، إلا أنها تحمل في طياتها مجموعة من التعقيدات والتي تستدعي التفكير العميق، نظرا لتكلفتها ومشقتها والضغط النفسي على الأساتذة، وصورتهم في المجتمع، فضلا عن المشاكل التي تخلقها مع أولياء أمورهم، لهذا يجب أن يكون الأساتذة واعين لهذا “الترند”، وأن يعلّموا تلاميذهم أن النجاح والتفوق في الدراسة اللذان هما أفضل هدية يمكن تقديمها لهم في نهاية المطاف”، مشددا “على ضرورة تعزيز قيم التعلم والاحترام المتبادل، والابتعاد عن الاعتماد على مثل هذه الهدايا لإثبات التقدير، فالعلاقة التعليمية يجب أن تبقى قائمة على أسس صحيحة، لا على الهدايا والمظاهر”.

وذهب عدد من المعلقين بمنصات التواصل الاجتماعي، أطلعت عليها كاب24، “أن نشر صور الهدايا والمبادرات علنًا على الإنترنت يهدف إلى الترويج لفكرة أن هذه الهدايا تُقدّم كتقدير، ولكنها في الواقع قد تكون جزءًا من عملية التأثير على نمط التقويم بالمؤسسات التعليمية المغربية”، مضيفة “أن هذا التوثيق يجعل هذه المبادرات تبدو مدروسة وليست نابعة من مشاعر صادقة”.

بينما يظل الجدل مستمرًا حول “الترند” في المدارس المغربية، أعاد سؤال قانونية استعمال الهاتف بالأقسام الدراسية من طرف المدرسين والمتعلمين، حذر نشطاء من أن تتحول نعمة توزيع الحلوة إلى نقمة، لأنها يمكن أن تكون فرصة سانحة للبعض من أجل توثيق سلوكات أخرى من داخل داخل الفصول الدراسية.

وفي هذا الإطار، كانت وزارة التربية الوطنية قد حسمت سابقا في مسألة استعمال الهاتف داخل الفصول الدراسية، خاصة بعد الضجة التي صاحبت توثيق اعتداءات المتعلمين على المدرسين ما دفع الوزارة الوصية إلى الإسراع في إصدار المذكرة رقم 01- 2018 وعممتها على المديريات الإقليمية ورؤساء المؤسسات التعليمية، تقضي بالمنع الكلي لاستعمال الهاتف النقال من طرف التلاميذ والتلميذات والأطر التربوية داخل الفصول الدراسية بشكل خاص، ما أجل تحصين حقوق التعلم والتربية المدرسية للتلميذات والتلاميذ، وكذا المساهمة في توفير الظروف الملائمة لمختلف الأطر الإدارية والتعليمية لأداء واجباتها المهنية في أحسن الظروف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.