Ilayki invest

“مشي عند الوزير ولا حتى عند الملك”.. إهانة الأمهات في المركز الصحي البرانص بطنجة يكشف فشل المنظومة الصحية

0

على الرغم من التعديل الحكومي والذي شمل القطاع الصحي, في محاولة من الحكومة للنهوض بالقطاع ومحاولة إنقاذ صحة المغاربة، إلا أن دار لقمان تبقى على حالها, والمثال هنا نستحضره من المركز الصحي الحضري من المستوى 1 بحي البرانص في طنجة, والذي يشهد حالة من الفوضى وسوء التسيير، مما أدى إلى تكرار شكايات الأمهات المرتادات للمرفق.

هؤلاء الأمهات، اللواتي يبحثن عن حق بسيط في تلقيح أطفالهن، يجدن أنفسهن عالقات وسط مشاهد تعكس هشاشة المنظومة الصحية، في ظل غياب الرقابة وضعف التسيير.

تجاوزات يومية ومعاناة متكررة

يعاني المركز من اختلالات صارخة، أبرزها انشغال بعض العاملين والعاملات بمحادثات جانبية طويلة بدلًا من أداء مهامهم، في هذا الوقت، تضطر الأمهات إلى الوقوف في طوابير طويلة دون أي تقدم يُذكر، ومع تكرار الشكايات، لا يجدن سوى ردود توحي بالعجز، إذ غالبًا ما يُطلب منهن “مشي عمل شكاية للملك ولا الوزير ولا رئيس الحكومة”.

ما يزيد الوضع سوءًا هو الإضرابات المتكررة التي تؤدي إلى إغلاق المركز دون إشعار مسبق، مما يجبر الأمهات على العودة مرات عديدة دون جدوى،  وبمجرد فتح المركز أبوابه، تكون المعاملة في بعض الأحيان غير مهنية، ما يزيد من حدة الإحباط بين المرتفقات.

في ظل الفوضى التنظيمية التي يشهدها مركز البرانص بطنجة، حيث يتم منح نفس رقم الدور لعدة أمهات في الوقت نفسه، تظهر قدرة الأمهات على التفاهم فيما بينهن، حيث يلجأ العديد منهن إلى التنسيق وتحديد الأسبقية في الحصول على الخدمة بناءً على ترتيب وصولهن، ما يعكس وعيهن وحسن تنظيمهن في مواجهة الوضع القائم المفروض على العاملات أو الموظفات بالمركز.

ورغم أن هذه المبادرة تعكس روح التعاون والتضامن بين الأمهات، إلا أنها تظل غير كافية ولا تعوض الحاجة الملحة إلى نظام إداري منظم يضمن حق كل أم في الحصول على الخدمة في الوقت المناسب.

هذا التفاهم الجماعي يسلط الضوء على غياب التنظيم الفعّال داخل المركز، مما يستدعي ضرورة تدخل الجهات المعنية لتحسين سير العمل وضمان العدالة في توزيع الخدمات الصحية.

غياب الرقابة: أساس المشكلة

المشاكل التي يعاني منها المركز تعكس غياب آليات الرقابة الضرورية لضمان جودة الخدمات. في ظل انعدام كاميرات المراقبة داخل الأقسام، يصبح من الصعب ضبط أي تجاوزات أو تقصير في أداء الموظفين، كما أن ضعف التسيير الإداري وعدم وجود نظام متابعة فعّال يعمقان الأزمة، ما يجعل هذا المرفق الصحي مثالًا واضحًا لغياب الحوكمة الرشيدة في قطاع حساس كالصحة.

وعود حكومية لا تزال بعيدة عن التنفيذ

الحكومة المغربية، عبر تصريحاتها وبرامجها، التزمت بتطوير القطاع الصحي وتحسين ظروف تقديم الخدمات. فالوزير الجديد للصحة، أمين التهراوي، أكد منذ توليه المنصب، على أهمية تعزيز الرقابة بالمراكز الصحية وتوفير ظروف ملائمة للمواطنين.

لكن واقع مركز البرانص يكشف عن فجوة عميقة بين الخطط المعلنة والتنفيذ الميداني، فلا مراقبة حقيقية داخل المركز، ولا تحسين في بيئة العمل، ولا أي استجابة للشكايات المتكررة للمرتفقين، ما يضع هذه الوعود في خانة الشعارات غير المفعّلة.

حلول عاجلة لوقف المعاناة

مع تفاقم الوضع، تصبح الحاجة ملحة إلى تدخل فوري لضمان تقديم خدمات صحية تليق بالمواطنين، وذلك من خلال:

  1. تركيب كاميرات مراقبة: لضمان تتبع سير العمل ومحاسبة أي تقصير.
  2. تعزيز الرقابة الميدانية: من خلال زيارات تفتيش مفاجئة تضمن الالتزام المهني.
  3. إنشاء نظام شكايات فعال: يسمح للمواطنين بالتبليغ عن أي تجاوزات مع ضمان متابعتها بجدية.
  4. تكوين العاملين: لتحسين مهارات التواصل واحترام حقوق المرتفقين.

القطاع الصحي في مفترق الطرق

ما يحدث في مركز البرانص بطنجة هو نموذج لمعاناة أوسع تواجه القطاع الصحي في المغرب ككل ،  ولتجاوز هذه الاختلالات يتطلب أن تكون هناك  إرادة حقيقية لتطبيق الإصلاحات على أرض الواقع، بما يضمن للمواطنين حقهم في خدمات صحية كريمة ومنظمة. لا مجرد شعارات وبيع للوهم فقط.

وبين شكايات الأمهات والوعود الحكومية، يبقى السؤال مفتوحًا: متى ستنتقل الإصلاحات من الورق إلى الواقع؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.