ONCF 970 x 250 VA

البعد الاستراتيجي للخطاب الملكي الحجاجي (المقاربة الذريعية )

0

بقلم : حسن حلحول محامي بهيئة الرباط

إن الملاحظ من خلال استقراء نا للخطاب الملكي بمناسبة عيد المسيرة الخضراء المظفرة التي
تؤرخ لحدث استرجاع الأقاليم المغربية الصحراوية، فهذا الأخير يختلف كليا عن باقي الخطابات التي
ألقيت في مثل هذه المناسبات لغة ومضمونا. فكان أكثر وضوحا في الكشف عن أهداف النزاع
المفتعل، فقام بتشريح سياسي لمشكل الصحراء، عندما عبر جلالة الملك عن أطماع المستقبلية لكل
الأطراف التي تعادي الوحدة الترابية للمغرب، كما رفع الستار عن ازدواجية الخطاب المسكوت عنه
من قبل الجزائر والبوليساريو والمتمثل في كون الصراع عندهم هو صراع الذاتية الذي يغلب عليه
الأنانية المفرطة ، وليس فيه ذرة من شيم النبل وأخلاق الجوار، ولا يهمهم أي شعب وتقرير مصيره
لأن لا وجود لهذا الشعب اصلا بل هم من صنعه لقوله ” ويأخذونهم كرهائن في ظروف يرثى لها
من الذل والإهانة والحرمان من أبسط الحقوق”. لذلك فإن السياسة الوجودية لمستقبل الصحراء
المغربية يكمن في الحكم الذاتي لإنهاء هذا الصراع المفتعل، وهذا المقترح المغربي أكثر واقعية
وموضوعية، وهذا التحدي هو الموجه والمعيار لتوضيح ما يمكن توضيحه واقرب الى الحقيقة من
اي حل اخر،ويكون قبيل حل هذا المشكل بكل وضوح دون التستر وراء مصطلحات الحرب الباردة
” تقرير المصير” الذي لا يحمل اي دلالة تاريخية الآن كما كان عليه سابقا لأنه تجاوزه الزمان
وأصبح غير ذي موضوع. ولهذا جاء الخطاب الملكي واضحا واضعا القطيعة مع ما كان عليه
الوضع، في الخطابات السابقة ، اذ خاطب من يعيش في العالم الآخر، بمعنى ان من يعيش على
الطوباويات على أن المغرب سيستسلم للمضايقات الجيران فإنهم يعيشون في عالم منفصل عن
الحقيقة، مازال يعيشون على أوهام الماضي . جاء في خطاب جلالة الملك،” وموازاة مع هذا الشرعي
والطبيعي، هناك مع الأسف عالم آخر ، منفصل عن الحقيقة ،مازال يعيش على أوهام الماضي
ويتشبث باطروحات تجاوزها الزمن،” **سؤال المستقبل في الخطاب الملكي. إن جلالة الملك وضع
في خطابه حدود المستقبلية لوضع نهاية لهذا المشكل الوهمي، ما مفهوم المستقبل في الخطاب الملكي؟
مفهوم المستقبل هو معيار لتحديد مستقبل الصحراء الوجودي الأنطولوجي التي تعتبر من الأقاليم
المغربية ، فكرة المستقبل شغلت بال الإنسان منذ الوعي بنفسه لأنه دائم الترقب ودائما يتساءل ماذا
بعد كذا وكذا وكيف له ان يحافظ على العلاقة الجوار في إطار السيرورة المكانية والحضارية، لذلك
كان المستقبل مطروحا يبحث دائما عن موجه للحاضر لرسم المستقبل، فعندما تحدث جلالة الملك
عن مستقبل الصراع تحدث عنه انطلاقا من تحليل واقع الدولي الناتج عن تزايد الاعترافات الدول
المؤثرة في صناعة القرارات الدولية، وتعاطف معه الدول الاخرى الصين وروسيا. إن من لم يقدر
أهداف هذا الخطاب حق قدره وابعادة الاستراتيجية سيجد نفسه أمام النقد المعقول للوضع الحالي
للمنطقة المغاربية، المبني على المقاربة المعيارية التي تنطلق من اعتبارات تتعلق بمعايير المعقولة
التي على الحجاج احترامها، ومن هنا نجد الخطاب الملكي أقام الربط بين المقاربة التي تنطلق من
الواقع الواقعي الموضوعي المادي لواقع الصحراء المغربية التي يتواجد فيها والتي لها جذور تاريخية
مع المغرب، ليست محل لاي مناقشة أو مساومة ، وبين المقاربة التي تنطلق من نماذج عالم الآخر
منفصل عن الحقيقة الواقعية. إن الحقيقة الواقعية كما جاء في الخطاب هي الشراكة الاستراتيجية
والمصالح المشتركة بين البلدين ، عندما قال” وهناك من يستغل قضية الصحراء للحصول على منفذ
على المحيط الأطلسي، لهؤلاء أقول نحن لا نرفض ذلك..” إن هذه القولة في الخطاب تقودنا من
واقعة حجاجية الى مقاربة ذريعيية مماثلة لفعل الكلام، و نعني بهذا المصطلح ذريعيات هو المرتبط
بالذرائع والمقاصد والنوايا والضمنيات والمستلزمات والغايات ، فالجزائر تأتي بالذريعيات غير
معقولة من أجل ابقاء على الخلاف النزاع في الصحراء ،هب وافترض أن ثمة جارا نمثله ” ج” دائما
في خصام مع جار ” م ” فجاء رجل الدين في غاية الورع فسأل هذا الأخير ” ج ” لم لا تتفق ابدا مع
جارك ؟ وكيف استطيع ؟ إنه لا يكون على صواب ابدا”. عوض الانشغال بجوهر القضية من يكون
منهما على خطإ ومن يكون منهما على صواب ، أو ما الصادق وما غير الصادق تحديدا، انشغل ج
بوجهة نظر مغلفة ومغرقة في استفهام السياسي ماذا تريد ج منفذ الى المحيط الأطلسي أجاب ملك
البلاد بأنه لايرفض وماذا بقي ؟ وهذا الاستفهام يوضح أنه لا يمكن أن يتفق مع “م ” مهما قدم من
مقترحات، يتضح أن ج دائما للدفاع عن وجهة نظره يأتي بالذريعيات لعرقة اية تسوية لمف الصحراء،
بل يكابر ويهاجم جاره ” م ” عن قضية لا تعنيه لو اتبع ” ج ” مسارا مختلفا سياسيا هذا ما يمكن أن
اسميه ميتا (ما بعد ) الذريعية ، من أجل بناء النسق النظري والسياسي الحجاجي الموجهة نحو تحديد
مرحلة من مراحل سيرورة الحل، فإذا كان خطاب جلالة الملك أعطى الحجة والبرهان وكشف
المستور عن نوايا الذي يعيشها حكام عالم الآخر ، فقد قدم مقترحات مهمة. إن الكلام جلالة الملك
معقول وصريح وواضح وموجه مباشرة للجزائر. وأن الذرائع أو الذريعيات التي تتذرع بها هذه
الأخيرة ليبقى الصراع المفتعل قائما دون حل لعرقلة التنمية المستدامة الاجتماعية والاقتصادية
والمالية التي يعرفها المغرب، وهي ذريعيات غير معقولة وواهية ومرفوضة على مستوى بنية العقل
السياسي العالمي، االذي يعطي الجوانب الاقتصادية والمالية التي تسير في اتجاه التكامل الاقتصادي
المفترض والشراكة النافعة ذات المناعة الصلبة تتحدى وتصمد أمام التحولات الاقتصادية والتكتلات
الجديدة الكبرى (مثلا بريكس الذي رفضت طلب إلحاق الجزائر بها )التي تستعد وتعد العدة لبروز
النظام العالمي الجديد الذي يهدف إلى القضاء على هيمنة الدولار على الأسواق المالية العالمية
والاحتكار السيطرة المالية، . والخطاب الملكي الحجاجي القوي له بعد استراتيجي ونظرة استشرافية
على المستوى البعيد، تستفيد منه شعوب المنطقة، بمعنى آخر ان إيواء واحتضان الانفصاليين
البوليساريو، لن يفيد الشعب الجزائري في شيء بل يجلب له الضرروالأزمات الى الآخر. وأن
المغرب واع بما تهدف إليه الجزائر وما تفعله ليس مطلوب لذاته ، وإنما لتحقيق غاية وهو المنفذ الى
المحيط الأطلسي اولا، ثم خلق منطقة تابعة لنفوذها واستغلال خيرات الصحراء ثانيا ، وحصر
المغرب في منطقة مطوق يحد من امتداده الافريقي ، وهذا لن يحدث ولو بقي على أرض المغرب
رجل واحد سيقاوم ويصد أطماعهم، أما كلامهم حول تقرير المصير كلام فارغ لا يمكن أن يصدق،
وأما ما يزعمون ان الجزائر وفية لمبادئها ،أهي وفية لما قام به المغرب تجاهها من دعم مادي
ومعنوي وما قدمه من تضحيات من أجل استقلالها ، ام تنكرت له وجحدت نعمة الجار البار الذي مد
يده لها . اعلم أن عقيدة حسن الجوار المغربي لن تتغير، وأن ما وقع من أحداث قصف المحبس
،يجعله يغير عقيدة تعامله مع الأحداث، وذلك بتتبع المليشيات الإرهابية في عقر دارهم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.