أحدثت الأنباء التي تناقلتها وسائل الإعلام عن طرد حركة حماس من قطر موجة من التساؤلات والارتباك، خصوصًا أن هذه المعلومات لم تكن مؤكدة بشكل رسمي.
ورغم أن هذه الشائعات أثارت الكثير من الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية، فقد ردت حركة حماس سريعًا على هذه الأنباء، مشيرة إلى أنها لم تتلقَّ أي طلب من السلطات القطرية بمغادرة الدوحة، حيث كشف أحد قياديي الحركة في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية: “لم نتلقَ أي طلب لمغادرة قطر”، وهو ما وضع حدًا للتكهنات التي ربطت مغادرة الحركة من قطر بتوتر في العلاقات بين الطرفين.
الرد الرسمي لحركة حماس لم يكن هو محور النقاش الوحيد، فقد تزامن مع هذه التصريحات خبر آخر يتعلق بقرار قطر تعليق دورها كوسيط في الأزمة الدائرة في قطاع غزة، وهو ما دفع العديد من المراقبين إلى طرح تساؤلات جديدة حول أسباب هذا التحول في السياسة القطرية، حيث قال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في هذا الصدد لوكالة الأنباء الفرنسية إن قطر أبلغت كل من حماس وإسرائيل بأنها قررت إنهاء الوساطة في ملف غزة بسبب فشل الأطراف في إظهار رغبة حقيقية في التوصل إلى حل تفاوضي.
وقد أشار المصدر ذاته إلى أن وجود “مكتب حركة حماس في الدوحة لم يعد له مبرر”، في إشارة إلى أن الوساطة لم تحقق أي تقدم يذكر، وهو ما دفع الدوحة إلى اتخاذ هذا القرار.
الحديث عن إنهاء الوساطة القطرية يثير العديد من الأسئلة حول دور قطر في المرحلة المقبلة، فمن المعروف أن قطر لعبت دورًا محوريًا في تأجيج جهود التهدئة بين حماس وإسرائيل على مدار السنوات الماضية، وكان لموقفها السياسي والإنساني تأثير ملحوظ على الساحة الإقليمية، إلا أن الوضع الحالي في غزة قد دفع الدوحة إلى إعادة تقييم موقفها، وهو ما يبدو أنه انعكاس لتفشي حالة الإحباط من تعثر المفاوضات، خاصة في ظل استمرار التصعيد العسكري من كلا الطرفين.
وفي الوقت الذي تزايدت فيه الانتقادات لعدم تحقيق الوساطة نتائج ملموسة، كان هناك نوع من الإجماع الإقليمي والدولي على ضرورة وجود وقف لإطلاق النار من أجل التخفيف من معاناة المدنيين في غزة، ومع ذلك، فإن قطر، بحسب المصادر، ترى أن الوساطة لا يمكن أن تستمر في ظل غياب الإرادة الحقيقية من حماس وإسرائيل للموافقة على التفاوض بجدية.
هذا التغيير في موقف قطر يطرح أيضًا تساؤلات حول ما إذا كانت الدوحة ستظل طرفًا فاعلًا في محاولات إيجاد حل سياسي للأزمة في غزة، أم أن القرار القطري بإغلاق مكتب حماس في الدوحة سيؤدي إلى تحولات أخرى في العلاقات الإقليمية، بالطبع، مثل هذا القرار لن يمر دون تأثيرات على الأطراف المختلفة، فالعلاقات بين قطر وحماس، رغم التقلبات التي قد تشهدها، تظل جزءًا من الحسابات الاستراتيجية في المنطقة.
عندما نتحدث عن أفق الحلول في غزة، يبقى الأمر معقدًا للغاية، فالمعركة السياسية التي تدور خلف الأبواب المغلقة بين حماس وإسرائيل تمثل تحديًا كبيرًا للوسطاء الإقليميين والدوليين على حد سواء. ووسط حالة الجمود هذه، قد تجد قطر نفسها في موقف مختلف تمامًا، حيث قد تُركِّز على استعادة مكانتها في الساحة السياسية أو حتى تدعيم جهودها في مجالات أخرى بعيدة عن الوساطة المباشرة في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي.
مع انسحاب قطر من الوساطة في هذه اللحظة الحساسة، تزداد التحديات أمام المجتمع الدولي في الضغط على الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاقيات تضمن الاستقرار الإقليمي وتوقف نزيف الدم في غزة، لكن في ظل استمرار الرفض الفلسطيني والإسرائيلي للتفاوض الجاد، يبقى السؤال: هل سيظهر وسيط آخر يقود عملية السلام؟ أم أن الوضع سيظل على حاله، مع المزيد من التصعيد العسكري والتعقيدات السياسية؟.