استقبل وزير العدل عبد اللطيف وهبي تهاني البرلمانيين بعد تجديد الثقة الملكية فيه لمواصلة مهامه على رأس وزارة العدل في النسخة الثانية من حكومة عزيز أخنوش.
وعبر الوزير المثير للجدل عن سعادته بهذا التجديد، مؤكدًا أنه يعكس إشارة إيجابية من جلالة الملك، وأنه يعتبر هذه الثقة مسؤولية كبيرة ينبغي أن تترجم إلى إنجازات حقيقية.
ورغم ما بدا من انشراح الوزير، إلا أن الجدل الذي دار حول مواقفه وقراراته الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بقضايا المحامين، لا يزال يشكل تحديًا رئيسيًا له.
مواقف الوزير: حوار أم تعنت؟
من أبرز النقاط التي أثارت الجدل كان تعليق عبد اللطيف وهبي على حملة الاحتجاجات التي نظمها المحامون بسبب بعض التعديلات القانونية الأخيرة، وبالأخص تلك المتعلقة بتسقيف الطعن في مرحلة الاستئناف إلى 30 ألف درهم
. الوزير، الذي يرى نفسه ملتزمًا بتحقيق التوازن بين مصالح جميع الأطراف، أشار إلى أن هذه الزيادة قد تكون غير مريحة للمحامي المدعي، لكنها مناسبة للمدعى عليه.
وهبي أكد أن “ليس لديه أي إشكال مع أي أحد”، لكنه شدد على أن الحوار مع المحامين يجب أن يؤدي إلى حلول منطقية ومقبولة من الطرفين، دون أن يتحول إلى تنفيذ غير مشروط لمطالبهم، مستطردا بقوله ” بماذا يطالب المحامون الوزير.. هل أن ينبطح أرضا على بطنه؟
ولكن، خلف هذه التصريحات، برز موقف الوزير الحازم عندما تحدث عن ضرورة أن يتقبل المحامون الواقع السياسي، مشيرًا إلى أن “من يريد التغيير عليه الانخراط في الأحزاب السياسية وتشكيل أغلبية تدعمه”.
موقف وهبي هذا يعكس تحوّلًا من وزير كان في المعارضة إلى مسؤول يملك الأغلبية البرلمانية، ويجب عليه اتخاذ قرارات تتماشى مع مصلحة الوطن، حتى وإن لم تكن ترضي جميع الأطراف.
قانون المحاماة: تسريبات وتحفظات
إحدى القضايا الأخرى التي أثارت تساؤلات واسعة كانت التسريبات التي طالت مسودة قانون مهنة المحاماة، والتي كانت قد سُرّبت بعد ساعات قليلة من اطلاع رؤساء هيئات المحامين عليها.
عبد اللطيف وهبي الذي أكد أنه كان يفضل الحفاظ على سرية المسودة لحين إبداء الملاحظات، بدت علاقته بالمحامين معقدة بعد هذا الحادث، الا أنه ورغم ذلك، أكد الوزير أنه لم يرفض أبدًا لقاء أي نقيب، وكان دائمًا مستعدًا للاستماع إلى مشاكلهم ومناقشتها بشكل جاد.
ومع تصاعد الانتقادات الموجهة له، شدد وهبي على أن “الحوار ليس أن أنفذ كل ما يطلبه المحامون”، بل هو عملية بناء تفاهم حول القضايا المطروحة، وهو ما دفعه إلى التأكيد أن الوزراء يجب أن يتعاملوا مع الأمور من منظور مسؤولياتهم السياسية، لا من خلال الانحياز لفئة معينة، في إشارة واضحة إلى أنه سيكون حريصًا على اتخاذ قرارات تتماشى مع مصالح الدولة وليس فقط مع مصالح المحامين.
الاحتجاجات وتجاوز الحدود:
ما أحدث فارقًا في موقف عبد اللطيف وهبي كان تصريحه حول الاحتجاجات التي نظمها المحامون في الدار البيضاء، حيث استنكر بشدة ما وصفه بـ”الشتائم” والاتهامات التي طالت شخصه من بعض المحتجين.
الوزير أبدى استياءه من أن هذه التصرفات تمت أمام أنظار النقباء، معتبرًا أن الأمر يتجاوز حدود الاحتجاج المشروع، وهو ما يعكس حالة من التوتر في العلاقة بين وزارة العدل وهيئات المحامين.
في هذا السياق، أكد عبد اللطيف وهبي أنه يهدف إلى تعزيز مهنة المحاماة ورفع مكانتها داخل النظام القضائي، مشيرًا إلى أنه لا يمكن لهذه المهنة أن تستمر إذا لم تحترم القانون وتعمل وفقًا لمعايير احترافية صارمة.
كما دعا إلى ضرورة أن تنظم الاحتجاجات بشكل يحترم القانون ويعكس الممارسة المهنية السليمة..