تتجه الانتخابات البرلمانية التونسية على ما يبدو إلى تسجيل إقبال ضعيف جدا يوم السبت، مع مقاطعة معظم الأحزاب السياسية للاقتراع بعد أن انتقدته بوصفه تكليل لسعي الرئيس قيس سعيد نحو حكم الرجل الواحد.
وبعد مرور 12 عاما على اليوم الذي أضرم فيه بائع الخضر محمد البوعزيزي النار في نفسه في احتجاج أشعل فتيل انتفاضات الربيع العربي، تأتي الانتخابات ببرلمان جديد من المرجح ألا يكون لنوابه سوى تأثير ضئيل على سياسة الحكومة.
وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنه بحلول الثالثة عصرا (1400 بتوقيت جرينتش) أدلى نحو 7.2 بالمئة من الناخبين بأصواتهم. وكان استفتاء في يوليو تموز قد شهد تصويت 13.6 بالمئة من الناخبين بحلول الساعة 0330 بعد الظهر، قبل أن تصل نسبة المشاركة النهائية إلى 30 بالمئة تقريبا فقط.
وتغلق مراكز الاقتراع أبوابها بحلول السادسة مساء بالتوقيت المحلي (1700 بتوقيت جرينتش).
وتم انتخاب البرلمان التونسي السابق، الذي حله سعيد العام الماضي وبدأ في الحكم بإصدار مراسيم في إجراءات وصفها خصومه بالانقلاب، بنسبة إقبال بلغت نحو 40 بالمئة.
والإقبال الضعيف جدا على التصويت، لانتخاب برلمان بلا نفوذ تقريبا ويهيمن عليه على الأرجح مستقلون يفتقرون لأجندة موحدة، سيمنح منتقدي سعيد ذخيرة للتشكيك في شرعية ما يجريه من تغييرات سياسية.
ومن المحتمل أن يشكل ذلك أكثر من مجرد تحد للرئيس في الوقت الذي تواجه فيه السلطات الحاجة إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية لا تحظى بشعبية مثل خفض الدعم للحصول على إنقاذ دولي لمالية الدولة.
وزارت رويترز ستة مراكز اقتراع في أنحاء تونس العاصمة سادها كلها الهدوء إلى حد كبير. وخلال فترة ساعتين تم فيها تفقد ثلاثة مراكز في حي التضامن وحي التحرير، رأت رويترز نحو 20 ناخبا فقط يدلون بأصواتهم.
وفي منطقة العمران، والتي اكتظت كل مقاهيها مثل أغلب المناطق بالشبان لمشاهدة مباراة المغرب وكرواتيا في قبل نهائي كأس العالم لكرة القدم، يقول سمير القاسمي (27 عاما)، وهو سائق شاحنة “لماذا تذكرني بالانتخابات. أريد أن أستمتع بكرة القدم وأشجع المغرب”.
وينضم صديقه يسري جويني قائلا “لا نريد انتخابات وبرلمان ديكور وسياسة التحايل. هل أنا مجنون لأترك متعة كرة القدم وأذهب لأنتخب برلمان لا سلطة له. ما يخرجني الآن من المقهى هو دعوة للهجرة على متن مركب يقودنا إلى لامبيدوسا”.
وكان عدد الصحفيين أكثر من الناخبين في مركز اقتراع في نهج مرسيليا في تونس العاصمة، والذي كان مكتظا بالناخبين منذ الصباح الباكر في الانتخابات السابقة.
وقال المواطن فوزي عياري متفائلا، بعد أن أدلى بصوته “هذه الانتخابات فرصة لإصلاح الوضع السيئ الذي خلفه الآخرون خلال السنوات الماضية”.
* مقاطعة
كان سعيد، وهو أستاذ سابق في القانون، سياسيا مستقلا عندما انتخب رئيسا في 2019. وبدأ يكتسب تدريجيا المزيد من السلطات عندما جمد البرلمان السابق في يوليو تموز 2021.
وأدى دستور جديد، تم إقراره بعد استفتاء في يوليو تموز الماضي، إلى إضعاف دور البرلمان وإعادة السلطة إلى القصر الرئاسي في قرطاج الذي حكم منه زين العابدين بن علي البلاد بقبضة من حديد قبل الإطاحة به في عام 2011.
ووصف نجيب الشابي زعيم جبهة الخلاص الوطني، وهو ائتلاف معارض لسعيد يضم حركة النهضة، الانتخابات بأنها مهزلة.
فيما وصف سعيد الانتخابات بأنها جزء من خارطة طريق لإنهاء الفوضى والفساد اللذين ابتليت بهما تونس “في ظل النظام السابق”.
وبعد أن أدلى بصوته مع زوجته، حث التونسيين على أن يحذوا حذوه. وقال إن هذه “فرصتكم التاريخية حتى تستردوا حقوقكم المشروعة”.
لكن منظمة (أنا يقظ)، وهي منظمة رقابية غير حكومية تشكلت بعد ثورة 2011، قالت إن البرلمان الجديد يخلو من جميع السلطات.
كما قالت منظمة البوصلة، وهي منظمة غير حكومية أيضا تراقب عمل البرلمان، إنها ستقاطع المجلس التشريعي الجديد الذي تعتقد أنه سيكون “أداة للرئيس لتمرير القوانين التي يريدها”.
وتجرى الانتخابات في ظل أزمة اقتصادية زادت من الفقر، مما دفع كثيرين لخوض الرحلة المحفوفة بالمخاطر إلى أوروبا على متن قوارب مهربي البشر.
وفي ظل غياب الأحزاب الرئيسية، يتنافس 1058 مرشحا، منهم 120 امرأة فقط، على 161 مقعدا.
وهناك عشرة مرشحين دون منافس من بينهم سبعة في الداخل وثلاثة يختارهم الناخبون بالخارج. وهناك سبعة مقاعد أخرى يختارها الناخبون بالخارج دون مرشحين أصلا.