ONCF 970 x 250 VA

المنتخب المغربي ولم الشمل العربي

0

آن الأوان أن نقول أن ما أفسدته السياسة أصلحته الرياضة. وفي وقت وجيز ما بين قمة الجزائر ومونديال قطر ظهر الحق وزهق الباطل. ووقف القاصي والداني على حقيقة واحدة وهي أن الباطل الذي روج له النظام الجزائري بالأكاذيب والبهتان كان وهما في سياسة التسويف والبحث في وهم لم الشمل العربي، بينما الحق الذي سعت إليه دولة قطر بشكل جاد تجلى ذلك من خلال تنظيم مشرف لهذا المونديال و من خلال مؤازرتها للمنتخبات العربية وفي مقدمتها المنتخب المغربي.

مخرجات القمة العربية لم تر النور. فالحديث عن ذلك الشمل العربي كما طبلت له القيادة الجزائرية قبيل القمة كان حديثا للاستهلاك والمزايدات الرخيصة. فعوض أن تسارع رئاسة الدورة الحالية إلى ترجمة تلك المخرجات بدءا من المحيط المغاربي ذهبت في اتجاه معاكسة تلك المخرجات بالإبقاء على حالة العداء مستمرة مع المغرب. وما حققه المنتخب المغربي من إنجازات تاريخية في مونديال قطر كان بمثابة انتكاسة لدى الجزائر مما جعلها في عزلة تامة. أبواق النظام الجزائري كانت تعلق الأمل في إقصاء المغرب من دور المجموعات. وابتهج ذلك النظام حينما ألغى الحكم هدفا مغربيا في شباك المنتخب البلجيكي. وأرجعت بعض المنابر الإعلامية الجزائرية إقصاء المنتخب الإسباني إلى هدره ضربات الجزاء وكأن اسبانيا انهزمت بسبب ذلك وليس بسبب أسد الأطلس الحارس “بونو” الذي تصدى لتلك الضربات ولا بسبب الليوث التي أغلقت المنافد وبخطة محكمة بات الحديث عن ضرورة تدريسها في معاهد كرة القدم.

النظام الجزائري أصيب كذلك بنكسة وهي أكبر من أن تكون خيبة أمل. ما تناقلت وسائل الإعلام على مختلف مشاربها العربية والدولية بالتحليلات والصور لتلك الإنتصارات التي حققها المنتخب المغربي على حساب أعتى المنتخبات العالمية، بالتأكيد لم يكن ذلك كله يصب في خانة الأنجدة الجزائرية. كل الشعوب العربية بما فيها العديد من القيادات خرجت إلى الشوارع مبتهجة وتهلل بالروح القتالية والوطنية التي أبان عنها أسود المنتخب المغربي. فمنهم من اعتبر أن المستحيل ليس مغربيا كما هو ليس عربيا .  ولأول مرة في تاريخ هذه الأمة تفجر ذلك الإحساس بالانتماء للوطن العربي والاعتزاز به. انتصارات المنتخب المغربي حطمت الحدود ووحدت الشعوب العربية فلم يعد المشهد العام يفرق ما بين ما هو مغربي أو ما هو مشرقي وما هو خليجي. لقد وحدتنا كرة القدم وعرفت كيف أن تجعل منا أناسا يجب أن يتقوا في نفوسهم وفي قدراتهم.

اليوم كرة القدم كما مثلها المنتخب المغربي في مونديال قطر يجب أن تكون نبراسا لنا في جميع المجالات. ما ينقصنا هو نبذ الأنانية وفتح المجال للكفاءات الوطنية فهي قادرة على العطاء أكثر من الكفاءات المستوردة. الدرس الذي يجب أن يتعلمه الجميع من هذا المحفل العالمي للرياضة  الذي قارع فيه المغرب أعتى المنتخبات  وهو أنه يجب أولا أن نحطم من داخل أنفسنا عقدة تفوق الأجنبي، وثانيا أن نضع الرجل المناسب في المكان المناسب وثالثا النأي عن الحسابات الضيقة.

ما تحقق في مجال الرياضة وبالخصوص في كرة القدملم يكن ذلك من باب الصدفة بل كان نتيجة عمل دؤوب وتخطيط محكم. ولا أدل على ذلك أن هذا الإنجاز الكروي الذي تحقق في المونديال لم يكن يتيما بل جاء تتويجا لإنجازات سبقته سواء على مستوى القارة الإفريقية من خلال حصد الأندية المغربية للكؤوس القارية بالنسبة للذكور وكذلك بالنسبة للإناث أو على مستوى كرة القدم المعروفة ب “فوت سال” التي حقق فيها كذلك المنتخب المغربي انتصارات على الصعيد العالمي.

العالمية التي تشرئب إليها أعناقنا ليست صعبة المنال. لنا من الإمكانيات المادية والبشرية ما يساعدنا على تحقيق ذلك. فالإشكال يكمن في كيفية توظيف تلك القدرات والإمكانات وإتاحة المجال بمفهومه الواسع من دون أي إقصاء. ولعل مفهوم الحرية هو المفتاح الأساسي لخوض المعارك على مستوى الندية. وما أعجبني في مدرب المنتخب المغربي السيد وليد الركراكيأنه يمثل شخصية منفتحة تومن بالأخذ والعطاء وله ذهنية التعامل مع الفريق بعيدا عن عقلية الاستبداد والتسلط كما كان يفعل المدرب الأجنبي السابق. ففي غياب الحرية لن يكون هناك إبداع كما لن يكون هناك حماس للعمل بشكل جدي. وقس على ذلك في جميع المجالات. وليس من باب الغلو في الكلام تحت نشوة هذا العرس الرياضي إن نحن قلنا بأن المغرب يقدم اليوم النموذج لما ينبغي أن نسير عليه جميعا. فلتعش الرياضة موحدة الأوطان وموحدة الشعوب. ولنفخر جميعا بالتميز الذي حققته دولة قطر في احتضانها لهذا المونديال غير المسبوق. وإذا كان المستحيل ليس مغربيا فهو كذلك ليس قطريا.  

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.