ONCF 970 x 250 VA

رجل آلي يسلم دعوة للقمة

0

قرأت مقالا لأخي وزميلي محمد بنمبارك يتعلق بموضوع ينعي فيه القمة العربية لاعتبارات ولأسباب قد تتفق معه في بعضها  وقليلة هي التي تختلف معه  فيها. لكن بالرغم من ذلك فقد أوحى لي ذلك المقال بأمر في غاية الأهمية ارتأيت أن أقف عنده لأفرد له مقالا قد يسلط الضوء على ما ألمح إليه سي بنمبارك أو مر عليه مرور الكرام لا لشيء سوى أنه انشغل بطبيعة الفكرة التي أراد أن يبرزها من خلال مقاله. وهو أمر طبيعي جدا.

يبدو أن وزير العدل الجزائري الذي حمل رسالة الدعوة إلى المغرب من أجل المشاركة في القمة العربية، قد حضر إلى عاصمة المملكة المغربية الشريفة حضورا مريباأوحى لنا سلوكه بأنه كان على مضض بدا من خلاله الرجل أنه لم يكن مرتاحا مما يفيد أنه كان مثقلا بأوامرمن قيادته العسكرية والسياسية منها أن يختزل مهمته في تسليم رسالة الدعوة في أسرع وقت ممكن وعدم القبول بأي برتوكول ولو في حدوده الدنيا. وكذلك فعل المبعوث الجزائري الذي حضر بجثته لا حياة تدب فيها ولا من روح تنعش شرايينها. وقف الرجل متسمرا دون أن يرتاح أو يريح نفسه على أريكة على غرار ما دأبت عليه يروتوكولات الاستقبال. فأقسم على ألا يجلس وصام عن كلام المجاملات رغم الترحيب به ورفضه الدعوة  إلى مأدبة الغداء التي نظمت على شرفه وكأن لسان حاله يقول للسيد ناصر بوريطة ّرأفة بي خذ مني هذه الدعوة وخلصني من هذا اليم” .

ونحن هنا في المغرب نتفهم مدى انزعاج ذلك الرجل الذي تم تحنيطه بلا شك في الجزائر قبل إرساله إلى المغرب. وعلى طريقة القدامى المصريين استخرجوا مخه من جمجمته بالشفط عن طريق الأنف وحولوه إلى رجل آلي متحكم فيه بزر مضبوط على التوقيت الجزائري بحيث لم يعد قادرا على مخالفة ما أمر به من هنالك. وقد قيل له من المطار إلى مكتب وزيرهم، سلمه تلك الورقة ولا لغو ولا شربة ماء وعد من حيث أتيت إلى الطائرة. وبالفعل كان خير من لعب دور الرجل الألي ولم يكن له الحق في أن يملك إرادته وإلا لكان مصيره في عداد من قيل فيهم باتوا فلم يصبحوا.

وهذا السلوك الأرعن يقودنا إلى طرح السؤال التالي، ما هو سر هذا الجفاء الذي يتناقض مع أعراف البروتوكولات ؟ مبدئيا، هذا السلوك لا  يمكن تفسيره إلا في سياق العقدة المستدامة التي تلازم القيادة الجزائرية تجاه المملكة الشريفة. وما قام به وزير العدل الجزائري هو امتداد لهذا النهج العدواني، فتعامله لم يكن بريئا بل مقصودا بنية الاستفزاز واستدراج المغرب إلى ردة فعل الغرض منها أن تعيد المملكة الشريفة النظر في موقفها من المشاركة في القمة، وهي المشاركة التي يبدو أنها أربكت الحسابات السياسية التي كان يراهن عليها النظام الجزائري في حالة غياب المغرب عن القمة.

وقد راجت معلومات من مصادر مقربة نقلت بعضها منابر إعلامية تابعة للنظام تفيد أن دولة الثكنات استقبلت كالصاعقة بيان وزارة الخارجية المغربية الذي حسم مشاركة المملكة المغربية في القمة. ولأن ذلك النظام قد انزعج من هذه الموافقة وانزعج من مواقف الدول الشقيقة لتي باركت قرار المملكة، فنحن على يقين أنه لن يكتفي أي النظام الجزائري بهذا الاستفزاز بل سيتبع ذلك بخطوات أخرى فيما تبقى من أيام على غرار ما خرج به مؤخرا وزير الخارجية المدعو رمطان لعمامرةمن تصريح يؤكد فيه أن دبلوماسية بلاده تقوم على مرتكز أساسي وهو مناصرة القضية الصحراوية والتعامل معها كما يتم التعامل مع القضية الفلسطينية.وهو الخبث السياسي بعينه جاء في لحظة تطل على القمة وهي محاولة استباقية ويائسة للتشويش على أجندتها. ونعلم كذلك جيدا أن مخطط النظام الجزائري لن يقف أيضا عند هذا الحد بل قد يجازف إلى أبعد من ذلك بخلق أنشطة استفزازية أثناء انعقاد القمة أو موازية لأشغالها. ولأن المغرب مدرك لتلك النوايا المبيتةفهو ثابت على موقفه ولن يتزحزح ولو قيد أنملة تاركا المجال رحبا للنظام الجزائري للوقوع في الخطإ لكي نشهد عليهم العالم كما فعلنا في السابق مستغلين ذلك النزق في دبلوماسيتهم الطائشة  بالاستناد على هفواتهم كما جرت به العادة، وهذا النزق هو الذي يمكن غدا ان يسرع في الإعلان عن “جنائزية” القمة بمعاول جنرالات الجزائر. وسنقول لهم شوشوا ما شئتم ومتى شئتم لكن ستجدوننا في القمة على أتم الاستعداد لإنجاحها وجعلها قمة لم الشمل العربي كما قيل ، وفي نفس الوقت على أهبة لمواجهة كل السيناريوهات التي يراد بها أخذ القادة العرب إلى مربع آخر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.