احلق له لحيته..
بقلم: اسماعيل بنحدو
تغير الزمن لدرجة أن رجال الدين اصبحوا يعشقون الكاميرات أكثر من نجوم هوليود، فكلما ظهر موضوع يناقشه الناس فيما بينهم إلا وظهر أحد رجال الدين ليعطي رأيه ويستغل موجة الحديث حتى يقفز فوقها، ويعلن عن نفسه ووجوده ويحظى بملايين المشاهدات والإعجبات على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أصبحت دروس الدين يناقش فيها كل المواضيع إلا الدينية منها.
فاليوم تسمع عن نقاش حول المسلسلات وغدا تسمع عن كرة القدم، كل هذا يناقش عن طريق ادخال الدين في كل المواضيع، فالفتاوي أصبحت كالدواء الجاهز مسبقا، في انتظار السياق المناسب فقط، لكن أكثر ما يجعلني مستغربا أن الناس تأخذ ما يقولوه هؤلاء وتطبقه في حياتها دون أن تناقشه، حتى أنني في أحد الأيام قررت أن أناقش صديقا لي أعرف أنه يتابع هذه النوعية من المحتويات فقررت أن أبدأ معه نقاشا قائلا: لماذا تكره المغني الفلاني فأجابني أنه يراه متبرجا فسألته كيف عرفتها فاذا به يرسل لي رابط فيديو لأحد الرجال الذين يدعون التدين ويقول لي اسمع ماذا يقول عن الغناء اسمع.
لكنني من عاداتي لا أصمت عندما أسمع أو أرى الحماقة، فتسألت عن سبب اتخاذه هكذا رجال كمرجع ومصدر لا يشكك فيه، فما سمعته جعلني أندم على طرح السؤال، ليس لأن الجواب مقنع وتمكن من احراجي باجابته، بل لأن ما قاله يحمل من البلادة ما يحمل.
كان جواب صديقي كالتالي، الرجل يتحدث بالحق والدين وما يقوله يجعلك تحبه انظر فقط الى النور الذي في وجهه ولحيته الاسلامية فهذا الجواب جعلني أتسأل عن علاقة الكلام الصادق الذي يقوله بالنور الذي على وجهه، فهل قبيح الوجه من المفترض أن يكون كاذبا، لكن فجأة خطرت على بالي قصة كنت قد قرأتها في رواية من روايات ادهم الشرقاوي: يحكى أن طائرا في عهد سليمان عليه السلام قصد غدير ماء ليشرب, فرأى هناك صبية صغارا يلعبون فقال في نفسه والله لا امن على نفسي من عبث الغلمان.
وما كاد ينصرف اخرهم حتى نزل الغدير شيخ له لحية لا تكون إلا لأصحاب الدين، فقال الطائر في نفسه لا خطر علي من هذا الشيخ الجليل, فإن له لحية ويبدو شخصا وقورا، فورد الماء ليشرب, فما كان من الشيخ إلا حمل حجرا ورمى بع الطائر ففقا عينه وفر شاكيا باكيا لنبي الله سليمان، فأمر سليمان أن يحضر الشيخ والطائر بين يديه ولما أستمع من الخصمين أمر أنتفقا عين الشيخ جزاءا لما فعل ولكن الطائر قال يانبي الله دع عينه فلا ذنب لها احلق لحيته,فوالله ما جعلني أمن مكره غيرها وفي قصتنا ذاك الطائر هو صديقي، وذاك الشيخ يمثل الأشخاص الذي يمجدهم اليوم, لكن حتما سيأتي ذاك اليوم الذي سيتذوق فيه مكرهم تماما كما حصل للطائر المسكين.