ONCF 970 x 250 VA

بين رفض وتأييد.. جدل بتونس حول الحكم بسجن المرزوقي

0

كاب24 – الأناضول:

أثار قرار القضاء التونسي الحكم غيابيًا بالسجن 4 سنوات على الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي، بعد إدانته بـ “الاعتداء على أمن الدّولة الخارجي” جدلا واسعا في البلاد بين رفض وتأييد.

المرزوقي الذي يتواجد خارج البلاد، ندد بالحكم عبر تدوينة نشرها على “فيسبوك”، قال فيها إن القرار “صادر عن قاضٍ بائسٍ بأوامر من رئيس غير شرعي (يقصد الرئيس قيس سعيد)”، و”الدّكتاتور المتربص سيرحل والقضايا التي أحاكم من أجلها ستنتصر”.

ومطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أصدر القضاء التّونسي مذكرة اعتقال دولية بحق المرزوقي (شغل منصب الرئاسة من 2011-2014)، على خلفية تصريحه له في 12 أكتوبر/ تشرين الأول، قال فيه إنه سعى إلى إفشال عقد القمة الفرنكوفونية في بلاده، “باعتبار أن تنظيمها في بلد يشهد انقلابا هو تأييد للدكتاتورية والاستبداد”، وفق تعبيره.

وبعدما كان مقررا عقد القمة في جزيرة جربة جنوب شرقي تونس، في نوفمبر الماضي، أوصى المجلس الدائم للفرنكوفونية بتأجيلها إلى العام المقبل، مع حفظ حق تونس في الاستضافة.

ومنتصف أكتوبر، أعلن الرئيس سعيد أنه سيتم سحب جواز السفر الدبلوماسي “من كل من ذهب ليستجدي الخارج لضرب المصالح التونسية”، وذلك عقب اتهام وجهته نقابة السلك الدبلوماسي التونسية (تضم موظفي الخارجية) المرزوقي بتحريض سلطات دولة أجنبية على اتخاذ تدابير عقابية ضد بلاده، وهو ما نفاه المرزوقي، واعتبره “أكاذيب”.

** تضييق على الحريات

في حديثه للأناضول اعتبر المحلل السّياسي التّونسي بولبابة سالم، أن القرار القضائي “فضيحة وعارٌ كبير في حق تونس والتّونسيين، والمكسب الوحيد الذي لا يختلف فيه اثنان بعد 10 سنوات من اندلاع الثورة هو مكسب الحرية بمختلف تصنيفاتها بما فيها حرية التعبير والرّأي”.

وقال: “أن يتقرر سجن الرّئيس الأسبق بسبب مخالفته الرأي يمكن أن يصنف ذلك في خانة القرار السّياسي، الأمر واضح وجليٌ ولن يزيد إلا في شعبية المرزوقي الذي يبقى حقوقيًا ورجلًا نظيفًا لم يسرق تونس والتّونسيين، وفي عهد الرّئيس السابق محمد الباجي السبسي تمكن مواطن من الفوز بقضية ضدّ رئاسة الدّولة”.

ويرى بولبابة أن “الأمور لا تُدار هكذا، وأن يتم تصفية كل الخصوم السّياسيين بهذه الطريقة سيضيع مكسبًا آخر في الفترة الحالية ويسيء لصورة تونس”.

** “أحكام تصدر خلسة”

من جهته قال القيادي في حركة “النهضة”، سمير ديلو، في تدوينة على فيسبوك: “هنا تصدر الأحكام خِلسةً، لم يكن الدّكتور المرزوقي محلّ إجماعٍ، ولكن من حظي بالإجماع في هذه البلاد أصاب وأخطأ.. من تُراه لم يخطئ؟”.

وأضاف معلقًا على القرار القضائي: “تعرّض (المرزوقي) للتشويه والتّهجّم والسّخرية فلم يصف معارضيه بالحشرات والمخمورين والعملاء والفاسدين”.

وتابع مستغربًا: “يصدر اليوم حكم قضائي في غفلة من الجميع بسجنه أكثر من 1400 يوم.. مع النّفاذ العاجل! عرفنا الآن من يشوه سمعة البلاد”.

** “انقلاب بدأ بالتهاوي”

وفي نفس السّياق يعتبر الكاتب والمحلل السّياسي صالح عطية، عبر صفحته على فيسبوك أن “الحكم على الرئيس المرزوقي دليل على أنّ سلطة الانقلاب، فقدت عقلها السّياسي والقانوني والأخلاقي (..) وهي تفقد كل يومٍ، الأصوات والمواقف والرصيد الشعبي الموهوم الذي بنته يوم 25 يوليو الماضي”.

وذكر أن “الحكم على المرزوقي، سيقوي الرجل الذي ناضل ضدّ الاستبداد مدة أكثر من 30 عامًا، وسيضعف الرئيس سعيّد سياسيا وشعبيا، وسوف لن يجد مسوغًا يبرر به الحكم الصادر ضدّ رئيس سبقه إلى قصر قرطاج، وكان يفترض أن يتعاون معه على إخراج البلاد من وضعها الراهن”.

وتابع عطية: “حجرة أخرى تسقط من بناية الانقلاب الذي بدأ يتهاوى، مثل كل انقلاب، وإن طال عمره القصير أصلا”، على حد تعبيره.

وأعرب عن أسفه بسبب “الخسارة التي تتعرض لها البلاد في مجال الحقوق والحريات والديمقراطية، بل تخسر من رصيدها على الصعيدين الإقليمي والدولي (..) فقد بتنا محل تندّر ونكات وهمسات وغمزات، بعد أن كانت التّجربة التّونسية، نموذجًا تزوره مؤسسات ومراكز أبحاث دولية لتدارسها”.

** أحزاب وسياسيون يتضامنون

في ذات السياق، عبر سياسيون تونسيون عن تضامنهم مع المرزوقي ورفضهم للقرار القضائي معتبرين أنه “فضيحة ومحاكمة تحت الطّلب”، بحسب القيادي بحركة النهضة عماد الخميري، و”محاكمة صورية من أجل إبداء رأي”، وفق المدير التنفيذي لحزب الأمل رضا بالحاج.

ومن بين من أعربوا عن تضامنهم مع المرزوقي أيضا، رئيس كتلة “حزب تونس” بالبرلمان المجمدة أعماله أسامة الخليفي.

ونشرت أحزاب “التيار الديمقراطي” و”التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات” و”الجمهوري”، بيانا مشتركًا طالبت فيه “كل القضاة الشرفاء بالتبرؤ من هذه الأحكام والوقوف جبهة واحدة ضد العودة بالقضاء إلى مربع التعليمات وانتهاك استقلاليته”.

** “تطبيق للقانون”

أما المحلل السياسي باسل الترجمان، فيذهب إلى القول بأنه “على المرزوقي أن يفسر ويشرح للرأي العام سبب دعواته واتصالاته بجهات أجنبية لتعطيل وافشال استقبال تونس للقمة الفرنكوفونية”.

ويضيف: “جرت العادة في تونس ألا يتم التعليق على أحكام القضاء، لكن يتم استئنافها من قبل محامي المُدعى عليهم، في اعتقادي أن الحكم جاء مفاجئًا وبعض الأطراف السّياسية (لم يحددها) تستغله لتصفية حساباتها مع الدّولة”.

ويرى الترجمان أن “التّسجيلات الصوتية وتصريحات المرزوقي تؤكد قيامه بهذا الأمر (العمل على افشال استقبال تونس للقمة الفرنكوفونية)”.

ويشير إلى أن “ما قرره القضاء هو الأمر العادي والمتوقع أن يحدث في أي دولة أخرى وعلى الإعلام أن يركز على انتظار تفسير وشرح المرزوقي لما قام به”.

ومنذ 25 يوليو/ تموز الماضي، تعاني تونس أزمة سياسية حادة، حيث بدأ سعيّد إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة، وتوليه السّلطة التّنفيذية بمعاونة حكومة عَيَّنَ رئيسةً لها.

ورفضت غالبية القوى السياسية والمدنية وشخصيات تونسية، بينها المرزوقي، هذه الإجراءات، وتعتبرها “انقلابًا على الدّستور”، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها “تصحيحًا لمسار ثورة 2011″، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).

وقال سعيد، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، إنه اتخذ “تدابير في إطار الدّستور لحماية الدولة من خطر داهم”، مشددا على عدم المساس بالحقوق والحريات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.