سَحب اختبارِ الكشفِ السريع عن كورونا من الصيدليات… مسألة ترخيص أم ضغط من لوبي المختبرات؟
كاب24تيفي-فاطمة بتغراصا:
ثمنه لا يتجاوز مائة درهم، نتائجهُ تظهر في عشرِ دقائق وفعاليته تصلُ إلى أربعٍ وتسعينَ في المائة، لكنهُ يُسحبُ من جميعِ الصيدلياتِ في المغرب.
اختبارُ الكشفِ السريعِ عن فيروس “كورونا” المستجِد رغمَ مميزاتهِ الكثيرة، يمنعُ بيعه في المملكة بقرارٍ من وِزارةِ الصحة، بعدَ شهرٍ ويزيد على تَسويقِه. وزارةُ الصحة طالبت في مراسلةٍ المجلس الوطني للصيادلة، بسحب اختبار اللُعابِ السريع، الذي طورته شركةُ “Gigalab” المغربية، بفضلِ نقلٍ تكنولوجي من شركةٍ كوريةٍ جنوبية.
قرار السحب جاء دونَ إجاباتٍ عن أسئلة من قرر؟ ولماذا؟، لكنه قفزَ إلى خلاصات: المنتج لا يتوفر على تَرخيص. من وجهة نظرِ الصيادلة فإنَّ القرارَ غير مفهوم، بالنظرِ إلى تزامنهِ مع الارتفاعِ المَهُول في عدد الإصاباتِ بفيروس كورونا بالمغرب، وما يتطلبه ذلكَ من تسريعِ وتيرةِ الكشفِ عن المرض، عوَض سحبِ اختباراتِ الكشف.
بالنسبةِ لهيئة صيادلةِ المغرب، فإنَّ القرارَ لا يستند إلى أيِ تأصيل قانوني، بل إنه يخدم مصالح المختبرات والمَصحات فقط، خصوصاً أنهُ جاءَ تفاعلاً مع شكايةٍ تقدمت بها “الغرفة النقابية للإحيائيين”. تقول الشكاية إنَّ اختباراتِ الكشفِ السريعِ عن فيروس كورونا، غير مُصرّح باستعمالِها في القطاعِ الخاص، وإنَّ اختبار الكشفِ الوحيد المصرحِ بهِ في هذا القطاع هو الPCR، لكنَّ الصيادلة ينفون، ويأكدون حصول المُنتجِ على شهادةِ التسجيلِ والترخيص، وَفقَ وثيقة صادرةٍ عن وِزارةِ الصحة في ثالثِ يونيو الماضي، مُوقَعَة من طرفِ وزيرِ الصحة خالد آيت الطالب بنفسِه.
وفي ظل صمتِ الوِزارة وتضاربِ الأراءِ وتبادلِ الاتهامات، تذهبُ عديد من القراءات إلى اعتبارِ القرار، رضوخاً للسلطاتِ الصحية للوبي المختباراتِ الطبية، قصدَ تمكينها من احتكارِ إجراءِ اختباراتِ البي سي أر، مقابل أثمنة مرتفعة، تصل إلى ثَمانِمائة درهم، وبهامشِ ربحٍ كبير. يرى أصحاب هذا الرأي أيضاً، أن الأمر بمثابة ريع صحي على حساب المواطنين، في ظرفيةٍ حرجة.
فاختبارات الكشفِ السريعِ المَسحوبة، كانَ سعرها مناسبا وقدرتها على اكتشافِ المرض، مرتفعة. وهو ما كان سيساهم في تسريعِ عملية تطويق الفيروس، دونَ إجبار المواطنينَ على تحليل مخبري باهض الثمن، ودون انتظار ساعات طوال من أجل الحصول على نتيجة الكشف.
وكم يبدو صادما، في فترة حرجة يشكل فيها الاكتفاء الذاتي الطبي تحديا عالميا، ظهور اختباراتِ كورونا السريعةِ المصنعةِ بالمغرب، تباعُ في السوقِ السوداء وبأثمنة باهظة، مباشرة بعدَ سحبِها من الصيدليات.
فكيفَ يعقلُ في بلدٍ مقبلٍ على تصنيعِ لقاحِ كورونا، أن يسحبَ في المقابل اختباراتِ الكشفِ السريعِ بحجةِ الترخيص؟
وسؤال الترخيصِ هنا تحديداً، بهذا الغموضِ الذي يكتنفه، وهذهِ الفردانية في التعاطي معه، يثير هو الآخر أسئلة موضوعية حول معايير وزارةِ الصحة في منحِ الترخيص من عدِمه؟.
كما يحيل إلى ضرب الابتكار والحدِ من هامش التطويرِ والبحثِ العلمي، الذي خصصت لهُ إحدى الوزارات في بدايات جائحة كورونا، ميزانيةً ضخمة.