شواهد حسن السيرة والسلوك – 2 –
بقلم/ أبو سرين:
الشهادة الثانية
أنا لا أستطيع التنفس . من تحت ركبة الشرطي القاتل أطلقها جورج فلويد جملة مدوية وكأني بها نسخة جديدة من الصواريخ العابرة للقارات نظرا لحمولتها العنصرية والسياسية . إنها جملة تجاوزت حدود بلاد العم سام لتستقر في وجدان دعات المساواة .
من تحت رماد السياسات المستنسخة حقوقيا وديموقراطيا أصرخ كما يصرخ الكثيرون : أنا لا أستطيع التنفس .
من تحت ركبهم المنسوجة بخيوط القانون والمركبة داخل مصانع التشريع التي تم بناؤها على مقاصهم الإجتماعي والإقتصادي والسياسي ، تظل أنفاسنا محبوسة في حكم المستكره تحت رحمة أحدهم وكل ذلك باسم القانون وإن تنافى مع الحق .
أنا لا أستطيع التنفس لأن تفسير القانون بيد صاحب القرار وصاحب الحل والعقد ذاك الذي عين أو أنتخب أو جاء إلى المقعد على صهوة السلاليم الإدارية المشبوهة كي يكتم ماتبقى من الأنفاس باسم القانون .
القانون لا يحمي المغفلين . حين بحثت عن تفسير لهذه القاعدة إهتديت أخيرا إلى أن هذه القاعدة صحيحة شريطة استكمال الجملة كأن نقول : القانون لا يحمي المغفلين لكنه يحمي الإنتهازيين؛ أولئك الذين لا يعاقبون على جرمهم لأنهم يحترمون القانون فهم أكثر الناس دراية بثغرات القانون بل يملكون كل الحق في أن يجرموا باسم القانون ويحصلون على شواهد حسن السيرة والسلوك فقط لأنهم إلى جانب القانون ولأن القانون إلى جانبهم أما أنا والقانون فنحن كلمتان متنافرتان وأحيانا أخرى كلمتان متناغمتان وكل هذا حسب توقيت الرباط الذي أسكنه ويسكنني ومن تحت ركبه مازلت أصرخ : أنا لا أستطيع التنفس.