زيارة بلا أطباء في أزيلال: عندما تتحول البنية الصحية إلى أرقام للاستهلاك الإعلامي

0

بقلم: عمر أوزياد من جبال أزيلال

قام وزير الصحة والحماية الاجتماعية، اليوم، بزيارة إلى منطقة آيت عتاب بإقليم أزيلال، حيث أشرف على إعطاء انطلاقة خدمات عدد من المراكز الصحية القروية ولا يمكن إلا أن نثمن أي مجهود يروم تحسين العرض الصحي وتقريب الخدمات من المواطنين، خاصة في المناطق الجبلية التي عانت لعقود من التهميش.
لكن، وبمنطق الصراحة والمسؤولية، يحق لنا كمواطنين في جبال أزيلال أن نطرح السؤال الجوهري: ما جدوى تشييد المراكز الصحية إذا كانت تظل فارغة من مضمونها؟
إن بناء المرافق الصحية ليس إنجازًا في حد ذاته، فالبنايات يمكن تشييدها كل سنة، لكن الإشكال الحقيقي يكمن في غياب الموارد البشرية والتجهيزات والأدوية. مراكز صحية بلا أطباء، بلا ممرضين، بلا تجهيزات أساسية، وبلا أدوية، تتحول إلى بنايات إسمنتية صامتة، لا تخفف آلام المرضى ولا تنقذ الأرواح، بل تشكل في كثير من الأحيان هدرًا للمال العام.
ويبدو أن السياسات الصحية لا تزال بعيدة عن فهم خصوصية المجال الجبلي، حيث لا يكفي نقل نموذج حضري جاهز وإسقاطه على مناطق تعاني من العزلة وقساوة الطبيعة وصعوبة الولوج. فساكنة أزيلال لا تحتاج إلى أرقام تُعلن في البلاغات الرسمية، بقدر ما تحتاج إلى طبيب قار، وممرض حاضر، وسيارة إسعاف مجهزة، وأدوية متوفرة.
الأكثر إلحاحًا اليوم هو الخصاص المهول في التخصصات الطبية بالمستشفى الإقليمي لأزيلال، حيث يضطر المرضى إلى التنقل لمسافات طويلة نحو بني ملال أو مراكش بحثًا عن علاج بسيط، في وقت قد لا يسمح فيه الوضع الصحي ولا الإمكانيات المادية بذلك.
ولعل أوضح دليل على هذا الخصاص هو المستشفى الميداني الذي أُقيم بالمنطقة بتعليمات ملكية سامية، استجابة لحاجة ملحة وواقع صحي هش. وهو ما يطرح سؤالًا صريحًا: لماذا لا تُترجم هذه الحاجة إلى تعيين دائم للأطباء والتخصصات المطلوبة بالإقليم؟
إن ساكنة أزيلال كانت تنتظر من هذه الزيارة أجوبة واضحة: كم طبيبًا تم تعيينه فعليًا بالإقليم؟ ما هي التخصصات التي تم تعزيزها؟ ومتى سيتحول الحق في الصحة من شعار إلى واقع ملموس؟
أما الاكتفاء بالزيارات الرسمية، والتقاط الصور، والإعلان عن أرقام لبنايات غير مفعّلة، فلن يغير شيئًا من معاناة الساكنة، ولن يعالج جراح قطاع صحي ما زال ينزف في صمت.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.