مجلس حقوق الإنسان: مأساة فاس نتاج غياب المراقبة واحترام قوانين التعمير

0

في خضمّ الصدمة التي خلفها انهيار بنايتين سكنيتين بحي المسيرة ببنسودة بمدينة فاس، خرج المجلس الوطني لحقوق الإنسان بدعوة صريحة إلى كشف نتائج التحقيق القضائي وتمكين الرأي العام من كل الحقائق المرتبطة بالحادث الذي أودى بحياة 22 شخصا وأصاب 16 آخرين بجروح متفاوتة.

المجلس اعتبر، في بلاغ شديد اللهجة، أن تكرار حوادث الانهيارات المتتالية ليس مجرد طارئ عمراني، بل انتهاك مباشر لجوهر الحق في السكن اللائق كما تضمنته المرجعيات الدولية والدستور المغربي، محذّرًا من استمرار نفس الاختلالات دون معالجة جذرية.
الحق في السكن اللائق… من النصوص إلى الممارسة
أكد المجلس أن السكن اللائق واحد من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشيرًا إلى أن المغرب قدّم ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل توصيات تخص تحسين شروط السكن، وتأهيل الأحياء الهشة، وحماية الفئات الضعيفة.

وشدد البلاغ على أن ما جرى في فاس يعيد إلى الواجهة الحاجة إلى سياسة وطنية متماسكة تقوم على المراقبة المستمرة، وتأهيل المباني القديمة، ووضع آليات فعالة للرصد والتدخل قبل وقوع الكوارث.
وطالب المجلس بتطبيق صارم لقوانين التعمير، وربط رخص البناء بمراقبة تقنية دقيقة، مع وضع آلية مؤسساتية للتدخل السريع عند تسجيل أي تشققات أو مؤشرات خطورة.

كما دعا السكان إلى التفاعل مع قرارات الإخلاء وعدم تجاهل إشعارات السلطات بشأن البنايات الآيلة للسقوط، مشددًا على أن حماية الأرواح مسؤولية مشتركة.

وكان الحادث، الذي هزّ فاس ليلة 10 دجنبر 2025، قد وقع إثر انهيار بنايتين متجاورتين؛ الأولى غير مسكونة، بينما احتضنت الثانية حفل عقيقة، ما أدى إلى ارتفاع حصيلة الضحايا وتحويل مناسبة فرح إلى مأساة مفجعة.
وكشف بلاغ وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بفاس أن الانهيار وقع حوالي الساعة 11:20 ليلا، متسببًا في سقوط ضحايا من الأطفال والنساء والرجال، ونقل الجرحى إلى المؤسسات الصحية لتلقي العلاجات الضرورية.
وبمجرد وقوع الانهيار، أعطت النيابة العامة تعليماتها للشرطة القضائية لفتح بحث فوري ومعمّق من أجل تحديد الأسباب الحقيقية للحادث وتحديد المسؤوليات.
وفي موازاة التحقيق القضائي، باشرت السلطات الإدارية تحقيقًا تقنيًا موازيا بتعاون مع مكتب دراسات متخصص، لتقييم الحالة الإنشائية للبنايتين ومعرفة ما إذا كانت هناك اختلالات في مساطر البناء أو قصور في المراقبة.
وتشير المعطيات الأولية إلى أن البنايات المنهارة شُيّدت سنة 2006 في إطار برنامج “فاس بدون صفيح” لفائدة قاطني دوار عين السمن.
وجدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان مطالبته بوضع سياسة دائمة لإعادة إيواء ساكنة البنايات المتهالكة، تقوم على حلول حقيقية توفر السكن اللائق، بدل الاقتصار على تدابير ظرفية لا تمنع تكرار المآسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.