لا شيء يوحي بأننا على أعتاب حدث قاري ونحن على بعد أيام من احتضان المغرب لكأس افريقيا

0

الكارح ابو سالم:Cap24 

على بُعد أيام فقط من انطلاق كأس إفريقيا، الحدث الذي يُفترض أن يعيش معه المغرب كله «سخونية» الاستعداد، تبدو المدن المستضيفة وكأنها خارج الإيقاع تماماً. لا ملصقات، لا إشارات، لا علامات تُذكر بأن المغرب على موعد مع أكبر تظاهرة كروية في القارة. كأننا لسنا أمام بروڤة حقيقية لاختبار قدرتنا على تنظيم حدث عالمي… وكأن الأمور تجري بعادية مُربكة، تُفرغ الحدث من رمزيته وتوقعاته،في دول أخرى، حين تستعد مدينة لاحتضان تظاهرة قارية أو عالمية، يتحول الشارع إلى منصة احتفالية: الأعلام ترفرف، الملصقات تُزيّن الجدران، الرسائل التحفيزية تُرافق المواطن في كل زاوية، والإعلام يفتح برامجه وفضاءاته ليخلق أجواء الانخراط الجماعي. أمّا عندنا، فالصمت هو العنوان العريض. لا حسّ، لا نبض، ولا حتى إشارة إعلامية تُطمئن المُشاهد بأننا بصدد حدث يفترض أن يشكّل واجهة المغرب وقدرته على التنظيم.

والأدهى من ذلك أنّ الإعلام العمومي، الذي يفترض أن يكون القاطرة التي تنقل المواطن إلى قلب الحدث، يعيش غياباً غير مفهوم. شاشة بلا حرارة، بلا تغطية، بلا تخصيص. وكأننا لسنا مقبلين على تظاهرة من المفروض أن تكون مفخرة وطنية تتنافس فيها الدول على إظهار جاهزيتها وقوة تنظيمها.

ثم تأتي القناة الرياضية، التي تعيش منذ أسابيع وضعاً استثنائياً وهزّات تنظيمية وهيكلية لا أحد يستطيع إنكارها. لا استعدادات تقنية واضحة، ولا تجريب منظّم لعمليات التصوير والنقل، ولا حتى «بروفة» أساسية لضبط الكاميرات وزواياها وأطقمها. نخشى أن نبدأ التصوير مع صافرة البداية… بكل ما قد يرافق ذلك من ارتباك وفوضى وعُطب تقني لا يليق بصورة بلد يراهن على العالمية،كل هذا يحدث رغم الجهد الكبير الذي بذلته الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، المشكورة على العمل الدؤوب الذي قامت به: ملاعب جاهزة، تنسيق مسبق مع الكاف، أشغال لوجستيكية، اجتماعات، وتأطير. الجامعة قامت بواجبها بأقصى ما يمكن… لكن «اليد الواحدة لا تُصفّق»،فالتظاهرات الكبرى ليست مسؤولية جهاز واحد، بل هي امتحان لدولة بأكملها. الوزارات، المؤسسات العمومية، الإعلام، الجماعات الترابية، شركات النقل، الثقافة، السياحة… كلّهم ينبغي أن يتحركوا في انسجام. أما أن نترك الجامعة تقاتل وحدها في الميدان، بينما الوزارات الأخرى خارج الإيقاع، فهذه وصفة مؤكدة لإساءة غير مقصودة لصورة المغرب الذي يطمح لاحتضان كأس العالم.

إنّ كأس إفريقيا ليس مجرد مباريات تُلعب، بل هو واجهة دبلوماسية، استثمار في الصورة، اختبار تنظيمي، ورسالة للعالم بأن المغرب بلد جاهز وموثوق. وإذا كان العالم يراقبنا اليوم، فليس ليرى فقط جودة العشب أو مظهر الملاعب، بل ليرى كيف يتحرك بلد بأكمله بروح واحدة، فهل يستيقظ الإعلام؟ وهل تتعبّأ المدن؟ وهل تتفاعل المؤسسات؟أم ننتظر أن تنطلق الصافرة، ثم نكتشف أننا دخلنا المنافسة دون إحماء؟

الأيام القادمة وحدها ستجيب… لكن المؤكد أن الوقت ما زال موجوداً لتدارك ما يمكن تداركه، حتى لا يتحوّل حدث قاري بهذا الحجم إلى مجرّد «واجب مُنجَز» عوض أن يكون «فرصة وطنية» تُلمع وجه المغرب كما يستحق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.