رسالة أممية واضحة: المغرب صانع الاستقرار في الصحراء والجزائر طرف في النزاع

0

أعاد مجلس الأمن الدولي، عبر القرار 2797 الصادر في 31 أكتوبر 2025 خلال جلسته رقم 10030، صياغة المعادلة السياسية في ملف الصحراء المغربية، بعد أن حسم لأول مرة وبعبارات واضحة في هوية الأطراف المعنية بالنزاع، مؤكداً أنّ الجزائر طرف مباشر وأنّ السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية ثابتة ومعترف بها أممياً.

هذا التحول الدبلوماسي لم يأتِ من فراغ، بل جاء كحصيلة تقييم دولي لمسار طويل من المفاوضات المتوقفة والمواقف المتشنجة،  فالقرار يقدم مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب سنة 2007 باعتبارها الإطار الأكثر واقعية وقابلية للتنفيذ، بل ويوصي بالتعامل معها كقاعدة مرجعية لأي مسار تفاوضي مستقبلي، باعتبارها تتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وتضمن لسكان الصحراء ممارسة حقهم في تدبير شؤونهم ضمن السيادة المغربية.

وبعد سنوات من محاولات الجزائر التنصل من مسؤوليتها، يضعها القرار أمام التزام قانوني وسياسي صريح، مطالباً إياها—إلى جانب البوليساريو والمغرب وموريتانيا—بالانخراط في مفاوضات مباشرة وبلا شروط مسبقة.

ومنح القرار المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا تفويضاً موسعاً لتقريب وجهات النظر وإعادة إطلاق العملية السياسية على أسس عملية، فيما تم تمديد ولاية بعثة المينورسو حتى 31 أكتوبر 2026 لضمان استقرار الوضع الميداني والحفاظ على وقف إطلاق النار.

وفي الجانب الإنساني، يسلط القرار الضوء على الأوضاع المقلقة في مخيمات تندوف، مؤكداً الحاجة المستعجلة لزيادة التمويل المخصص للاجئين، ومشدداً على ضرورة تسجيلهم بشكل رسمي، وهو مطلب تتجنبه الجزائر منذ سنوات، ما جعل الملف الإنساني عنصراً ضاغطاً إضافياً على الطرف الذي يحتضن المخيمات.

أبعاد القرار تتجاوز لغة الدبلوماسية المعتادة؛ فهو يعكس تحولاً في مقاربة مجلس الأمن، الذي انتقل من إدارة الأزمة إلى الدفع نحو حلها، مع تحميل كل طرف مسؤولياته بوضوح، فالمغرب، الذي رسّخ حضوره السياسي والتنفيذي في الأقاليم الجنوبية، يجد في القرار دعماً قوياً لجهوده الدولية، بينما تواجه الجزائر والبوليساريو تضييقاً على هامش المناورة بعد أن فقد خطاب الانفصال الكثير من زخمه داخل المجتمع الدولي.

وبذلك، يمكن القول إن القرار 2797 يشكل مرحلة مفصلية في مسار النزاع، إذ يضع إطاراً قانونياً وسياسياً أكثر تحديداً، ويحسم في النقاط التي كانت موضوع جدل لسنوات، فاتحاً الباب أمام مفاوضات قد تؤسس لحل نهائي يستجيب لواقع المنطقة ورؤية المجتمع الدولي للاستقرار في شمال إفريقيا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.