شهدت مدينة مراكش افتتاح الدورة الثالثة والتسعين للجمععية العامة للإنتربول، حيث قدّم الدكتور اللواء أحمد ناصر الريسي، رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية، قراءة معمقة لمسار التغيير الذي عرفته المؤسسة خلال ولايته.
وجاءت هذه المداخلة لتبرز حجم التحول الذي مس البنية التقنية والعملياتية وتوسيع نطاق التعاون الدولي بين أجهزة الأمن في مختلف القارات.
في كلمته الافتتاحية، توقف الريسي عند أهمية انعقاد هذا الحدث في المغرب للمرة الثانية منذ دورة 2007، مؤكدا أن المملكة تواصل ترسيخ مكانتها كشريك موثوق في دعم الأمن الدولي ومواجهة التهديدات العابرة للحدود، مشيرا الى أن انعقاد الجمعية العامة ليس مجرد لقاء سنوي، بل محطة لوضع مسارات جديدة للتنسيق الشرطي العالمي.
واستعاد رئيس الإنتربول لحظة توليه المنصب سنة 2021 في إسطنبول، مذكرا أنه وضع حينها رؤية تستند إلى النزاهة والتطوير والابتكار وتوسيع مشاركة الدول الأعضاء في صنع القرار. وأوضح أن هذه الرؤية تحولت خلال أربع سنوات إلى برامج عمل ملموسة عززت حضور المنظمة دوليا ورفعت مستوى الثقة بين الدول الأعضاء.
وعلى الصعيد العملياتي، كشف الريسي أن الإنتربول نسّق أكثر من مئتي عملية عبر الحدود خلال السنوات الأخيرة، مكّنت من حجز كميات ضخمة من المخدرات واسترجاع مركبات مسروقة بقيمة مالية تجاوزت سبعة عشر مليار دولار، إضافة إلى إصدار إشعارات خاصة باسترداد أموال مختلسة قاربت تسعة عشر مليار دولار، مؤكدا أن هذه العمليات لم تكن مجرد أرقام، بل كانت جزءا من جهود أدت إلى حماية آلاف الأشخاص وتفكيك شبكات إجرامية عابرة للقارات.
كما أبرز الدور المحوري للتطور التقني داخل المنظمة، مشيرا إلى أن منظومات تبادل المعلومات شهدت نقلة نوعية بفضل العمل الذي يقوم به مجمع الإنتربول العالمي للابتكار في سنغافورة، والذي يحتفل بعشر سنوات على تأسيسه.
هذا التحول مكّن المنظمة من مواكبة الجرائم السيبرانية والتهديدات المعقدة التي تعرف توسعا مستمرا.
وتوقف الريسي عند جانب التكوين، موضحا أن الإنتربول درّب أكثر من ثلاثة وسبعين ألف ضابط منذ سنة 2022 عبر دورات حضورية ورقمية، مؤكدا أن تطوير مهارات العنصر البشري جزء أساسي من قدرة المنظمة على مواجهة الجرائم الحديثة.
كما أشار إلى أن أحد أعمدة الإصلاح كان تحسين التمثيلية الجغرافية داخل الإنتربول، إذ ارتفع عدد الدول الممثلة في الطاقم الوظيفي من مئة وخمس عشرة دولة إلى مئة وإحدى وأربعين دولة. وسجلت القارة الإفريقية أعلى نسبة زيادة، تلتها الأمريكيتان ثم آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا.
واختتم رئيس المنظمة مداخلته بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تعزيز جاهزية الإنتربول للمستقبل، من خلال تعزيز الابتكار وتطوير أدوات رقمية جديدة تعزز التعاون الدولي وتضمن حماية المجتمعات في مواجهة التهديدات المتسارعة.
