كيف اخترقت القسام العمق التقني للجيش الإسرائيلي؟

0

ما زال الاحتلال يعيش ارتباكًا غير مسبوق منذ السابع من أكتوبر 2023، بعدما اتضح أن كتائب القسام لم تعتمد في هجومها على عنصر المفاجأة فقط، بل على معرفة دقيقة بآليات الجيش الإسرائيلي، جمعتها عبر سنوات من الرصد المنهجي ومتابعة الجنود على المنصات الرقمية.

وفي الوقت الذي تحاول فيه المؤسسة العسكرية تبرير الإخفاق، تبرز معطيات جديدة تكشف حجم الفراغ الأمني الذي سمح للمقاومة بالوصول إلى معلومات حساسة للغاية.

المعطيات التي كشفتها إذاعة الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن القسام تمكنت من تعطيل دبابات “ميركافا 4” بعدما تعرفت على نقطة تقنية داخلية يُفترض أنها سرية.

هذه المعرفة لم تكن وليدة الصدفة، بل نتاج متابعة دقيقة لعشرات الآلاف من حسابات الجنود، حيث شكّلت الحركة قاعدة بيانات واسعة عن طريقة تشغيل الدبابة ونظامها الداخلي، ثم أنشأت وحدة متخصصة بدراسة المدرعات وتطوير قدرات قتالية لمواجهتها.

وعندما حاول مقاتلو القسام السيطرة على الدبابات ونقلها إلى قطاع غزة، اتضح للجيش الإسرائيلي أن المقاومة كانت تمتلك محاكيات تدريبية ونماذج بالحجم الكامل لدبابات “ميركافا”، وأجرت تدريبات طويلة باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي، ما مكّنها من التعامل مع هذه الآليات المعقدة كما لو كانت جزءًا من معداتها الخاصة.

وتبين لاحقًا أن القسام لم تعتمد على محتوى الجنود المنشور للعامة فقط، بل نفذت عمليات اختراق اجتماعية معقدة، فقد دخلت حسابات مزيفة إلى مجموعات واتساب خاصة بوحدات عسكرية، بينها مجموعات لوحدة “إيغوز”، وتابعت أفرادها منذ مرحلة التجنيد إلى أن أصبح بعضهم قادة سرايا.

هذا التتبع الدقيق سمح للمقاومة برسم صورة شاملة لانتشار الجيش ومواقع تموضعه وبطاريات القبة الحديدية ومستودعات السلاح.

اكتشاف نفق في وسط غزة بداية عام 2024 كشف للمرة الأولى الوثائق التي جمعتها القسام خلال خمس سنوات، وتتضمن خرائط دقيقة ومحاكاة كاملة لقواعد ومراكز عسكرية إسرائيلية.

ضباط إسرائيليون اعترفوا بأن ما وجدوه أظهر قدرة المقاومة على معرفة تفاصيل داخل قواعدهم بدرجة تفوق معرفة بعض العاملين فيها.

ومع استمرار العدوان على القطاع، تتصاعد داخل إسرائيل أصوات تعتبر ما حدث أكبر انهيار استخباراتي في تاريخ المؤسسة العسكرية، فيما يواصل المستوى السياسي التهرب من تحمل المسؤولية، رغم ما خلفته الحرب من خسائر بشرية وميدانية ضخمة، وما كشفته من عجز استخباراتي غير مسبوق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.