لم يكن انهيار جزء من مدرجات ملعب خروبة بولاية بومرداس مجرد حادث عرضي، بل تحوّل إلى مؤشر فاضح يكشف مستوى التدهور الذي بلغه قطاع البنيات التحتية الرياضية في الجزائر.
فخلال ظهيرة السبت، وجدت مصالح الحماية المدنية نفسها أمام ورشة بناء تحوّلت إلى مصدر خطر، بعدما انهارت قطعة من المدرجات فوق عدد من العمال، ما أدى إلى إصابات متفاوتة الخطورة طالت خمسة منهم، نُقلوا على وجه السرعة إلى المستشفى المحلي.
التدخلات المتعددة لشاحنات الإنقاذ وسيارات الإسعاف لم تُخفِ الواقع المؤلم، منشأة رياضية قيد الإنشاء تنهار قبل أن ترى النور، وسط إشارات واضحة على رداءة البناء وضعف المعايير الهندسية المستعملة.
الصور التي التُقطت للحادث تُظهر طريقة عمل لا تختلف عن أساليب البناء العشوائي التي كانت سائدة قبل عقود، في زمن لم تكن فيه مفاهيم السلامة والنجاعة جزءاً من أي مشروع.
وما أثار موجة واسعة من السخرية والانتقاد، أن هذا الانهيار يأتي في بلد أمضى شهوراً طويلة في مهاجمة المغرب والتشكيك في قدرته على تنظيم كأس الأمم الإفريقية 2025، بينما لم يستطع بنفسه إنجاز مدرج صغير بمعايير السلامة البديهية.
الجزائر، التي سخرت كل أبواقها الإعلامية منذ إعلان “الكاف” فوز المغرب بشرف التنظيم، فشلت حتى في بناء ما يشبه ملاعب القرب التي تنتشر في مختلف جهات المملكة بجودة عالية وتصميم حديث.
ويتناقض حادث ملعب خروبة جذرياً مع الصورة التي حاولت الدعاية الرسمية الجزائرية تسويقها للعالم، حين ادعت أن الملاعب المغربية لن تكون جاهزة في الوقت المحدد.
واليوم، ومع تواصل العمل بالملاعب المغربية الكبرى باستخدام أحدث التقنيات المعتمدة دولياً، تعرض الجزائر مثالاً مصغراً عن واقعها الحقيقي “مشاريع مرتجلة، منشآت هشة، وبنيات تحتية خارج السياق العالمي”.
الانهيار الجزئي ليس هو الخطر الأكبر، بل ما يكشفه من ضعف بنيوي يطال كامل المنظومة. ففي وقت تتجه فيه الدول إلى معايير بناء مقاومة للزلازل وتكنولوجيا تضمن السلامة داخل المنشآت الرياضية، تبدو الجارة الشرقية وكأنها محاصرة في الماضي، عاجزة عن مسايرة التحولات الهندسية الحديثة.
الحادث، باختصار، فضح الخطاب الرسمي الذي حاول خلال الشهور الماضية الانتقاص من المغرب ومن جاهزيته لاحتضان أكبر تظاهرة كروية في القارة.
وبينما يواصل المغرب تشييد ملاعب بمعايير عالمية، تجد الجزائر نفسها عاجزة حتى عن بناء مدرج بسيط، فاختارت الهجوم بدل الانكباب على معالجة واقعها المتآكل.
