في خطوة مفاجئة قلبت الموازين، أعلنت النائبة الأوروبية عن حزب “فرنسا الأبية”، ريما حسن، عن موقف جديد حيال قضية الصحراء المغربية، من خلال تدوينة مطوّلة نشرتها يوم 20 غشت على حسابها في “إنستغرام”. التدوينة حملت نبرة مختلفة تماماً عن خطابها السابق المعروف بتأييده لجبهة البوليساريو ودعم الجزائر، إذ اعتمدت لغة أكثر توازناً وموضوعية.
وتطرقت حسن إلى تاريخ النزاع بشكل موسّع، معتبرة لأول مرة أن هناك “روابط بين القبائل الصحراوية العربية والأمازيغية والمملكة الشريفة والإمبراطورية المرابطية قبل عام 1884″، وهو اعتراف صريح بجزء أساسي من الرواية التاريخية المغربية.
كما أشادت بالمسيرة الخضراء في 1975، واصفة إياها بأنها “تعبئة سلمية شارك فيها نحو 300 ألف متطوع مغربي”.
هذا التحول لم يكن متوقعاً خصوصاً أن حسن كانت قبل أشهر قليلة تظهر في مناسبات علنية إلى جانب الانفصاليين، واحتفلت في 5 يوليوز الماضي بالذكرى الثانية والستين لاستقلال الجزائر، مؤكدة أن “الجزائر كانت وستبقى قبلة الثوار والأحرار”.
التغيّر في خطابها أثار موجة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وُجهت إليها اتهامات بـ”الانحياز لأعداء الجزائر” و”الانتهازية السياسية”، فضلاً عن اتهامات بـ”اتباع توجيهات زعيم حزبها جون لوك ميلونشون”. رغم ذلك، حافظت حسن على النص الكامل لتدوينتها، مع حذف بعض الإعجابات، ما يدل على تمسّكها بموقفها الجديد.
ويبدو أن هذا التحول لا يمكن فصله عن الاستحقاقات الانتخابية القادمة في فرنسا، سواء الانتخابات البلدية المقررة عام 2026 أو الرئاسية لعام 2027، حيث يسعى حزب “فرنسا الأبية” إلى تعديل خطابه لتجنب فقدان دعم الجالية المغربية الكبيرة في فرنسا، التي تمثل قوة انتخابية مهمة.
ويشير مراقبون أيضاً إلى التأثير الشخصي لميلونشون، الذي نشأ في طنجة واحتفظ بعلاقات قوية مع الرباط، إذ التقى خلال زيارته للمملكة في أكتوبر 2023 بمستشار الملك فؤاد عالي الهمة ورئيس الحكومة عزيز أخنوش، إضافة إلى صديقه نبيل بنعبد الله. كما شدد بعد زلزال أمزميز على أن “حب المغرب هو استمرار للمسيرة الخضراء”، داعياً فرنسا إلى إدراك الحقائق الجديدة في قضية الصحراء.
هذا الموقف يأتي في سياق تطورات دبلوماسية أكبر، بعد اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بسيادة المغرب على الصحراء في يوليو 2024، ما أسهم في تعزيز العلاقات بين باريس والرباط، بينما شهدت العلاقات مع الجزائر توتراً متزايداً، خصوصاً بعد القضايا التي أثارت إحراجاً لليسار الفرنسي، مثل قضية الكاتب بوعلام صنصال.
إلى جانب الأبعاد السياسية، يبدو أن ريما حسن تسعى لإعادة تموضع شخصي، بعد سنوات من تبني مواقف راديكالية. ويعكس دعمها العلني للناشط المغربي المؤيد لفلسطين، سيون أسيدون، رغبتها في تقديم صورة أكثر نضجاً كسياسية أوروبية قادرة على التعامل مع الملفات الحساسة والتواصل مع المجتمع المدني المغربي.

