الجزائر تمرر قانون التعبئة.. و”جون أفريك” تحذّر من عسكرة الدولة

0

بخطى متسارعة نحو المجهول، صادقت الجزائر على قانون جديد يحمل اسم “التعبئة العامة”، لكنه في جوهره يبدو أقرب إلى إعلان حالة تأهب دائم، وتوسيع غير مسبوق للسلطة العسكرية على مفاصل الدولة والمجتمع. القانون، الذي دخل حيّز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 27 يوليوز 2025، يكشف عن عقلية حاكمة لا تتردد في عسكرة الدولة تحت غطاء “حماية السيادة” و”الردع الاستراتيجي”.

بعيدًا عن العبارات القانونية المنمقة، يمنح النص التشريعي الضوء الأخضر لتحريك الجيش، وتعبئة الموارد الاقتصادية والبشرية، وإجبار الصناعات المدنية على خدمة أغراض دفاعية، بل ويتجاوز ذلك إلى إشراك الجالية الجزائرية في الخارج، في مشهد يُعيد للأذهان أجواء الحرب الباردة لا بناء الدولة الحديثة.

اللافت أن هذا القانون لم يأت في سياق عدوان مباشر أو تهديد وشيك، بل وسط عزلة دبلوماسية متنامية تعيشها الجزائر بعد قطع علاقاتها مع المغرب، وانهيار تحالفاتها الهشة مع دول الساحل، وتعثر علاقاتها التاريخية مع فرنسا. فهل هو رد فعل على التراجع الإقليمي؟ أم محاولة لافتعال خطر خارجي يخفي مأزقًا داخليًا متفاقمًا؟

مجلة “جون أفريك”، التي كانت سبّاقة إلى تسليط الضوء على خلفيات هذا القانون، تساءلت بوضوح: هل تستعد الجزائر فعلًا لحرب قادمة، أم أن النظام يبحث عن وسيلة لإعادة ترتيب المشهد الداخلي، عبر التخويف والتجنيد القسري والتأطير النفسي للجماهير؟

ما يزيد من القلق أن القانون يجعل من التعبئة أداة بيد السلطة السياسية، يُمكن تفعيلها في أي لحظة دون موافقة شعبية أو رقابة مؤسساتية فعلية. وهو ما يثير المخاوف من استغلاله لتصفية الخصوم السياسيين، وتبرير القمع تحت يافطة “الطوارئ الوطنية”.

في المحصلة، لا يبدو قانون “التعبئة العامة” خطوة لحماية الوطن، بقدر ما هو انعكاس لسلطة مأزومة، تتدثر بخطاب الحرب للهروب من استحقاقات الإصلاح، ولإبقاء المجتمع رهينة منطق الطوارئ والتأهب، إلى أجل غير مسمى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.