لماذا ظلت المفتشية العامة لوزارة الشبيبة حبرا على ورق عدا استنزاف مالية الدولة ؟

0

الكارح أبو سالم – Cap24- 

في سياق تتبعنا لسلسلة الاختلالات التي يعرفها تدبير المفتشية العامة داخل وزارة الشباب والثقافة، تبرز أمامنا حقيقة مؤسفة لا يمكن التغاضي عنها: دور المفتشية العامة يكاد يكون شبه غائب، إن لم نقل معطلاً، رغم ما يفترض أن تضطلع به من أدوار محورية في مواكبة وتقييم السياسات العمومية القطاعية.

لم يكن هدفنا فقط الإشارة إلى عجز المفتش العام الحالي عن فرض وجوده خلال محطات أساسية بالبرامج الكبرى التي وضعها الوزير، بل إن العزلة التي اختار أن يحتمي بها منذ توليه المنصب، تحوّلت إلى أسلوب دائم في التعاطي مع محيطه الإداري، إلى درجة أن عدداً كبيراً من أطر الوزارة لا يعرفونه مظهرا او شكلاً، ولم يسبق لهم أن رأوه داخل ممرات الوزارة .
وهنا لا نتحدث عن مجرد تفاصيل شكلية، بل عن انعزال وظيفي خطير يُفقد المفتشية العامة قيمتها كرافعة للتتبع والتصحيح والمساءلة. فالمسؤول الذي لا يظهر، ولا يُبادر، ولا يتواصل، كيف له أن يُتابع؟ أو يُقيِّم؟ أو يُفعِّل أدوات التفتيش والمراقبة التي خُصِّص له هذا المنصب لأجلها؟

بل إن الوضع بلغ من الركود حدًّا جعل بعض أطر الوزارة يُعلّقون ساخرين: “طيلة الأربع أو خمس سنوات التي قضاها المفتش العام داخل الوزارة، لم يُغلق حتى مرحاضًا واحدًا نتيجة تفتيش إداري أو متابعة تأديبية!”

والأخطر من ذلك، أن المفتشية العامة في عهده لم تبادر – ولو مرة واحدة – إلى النزول الميداني إلى المندوبيات الإقليمية، من أجل التحقق من مدى احترام الموظفين لأوقات العمل، أو الوقوف على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. وهو أمر يُفترض أنه من صميم مهامها الأساسية، لا سيما في ظل التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى إرساء ثقافة النجاعة وربط المسؤولية بالمحاسبة.

فهل يُعقل أن تظل المفتشية حبيسة المكاتب؟
أليس من المؤسف أن تتحول مؤسسة من هذا الحجم إلى جهاز إداري بدون تأثير ولا أثر؟
وهل نحتاج إلى التذكير بأن دور المفتشية لا يُختزل فقط في إعداد تقارير ورقية تُوضع على الرفوف، بل يتطلب حضورا ميدانيا، وتفاعلا آنيا، وقدرة على استشراف مكامن الخلل وتقديم حلول عملية؟

إن المفتش العام، حين يختار أن يكون مجرد موظف إداري بمرتبة عليا دون روح المبادرة، فإنه يُفرغ المنصب من مضمونه، ويحوّل وظيفة الرقابة والتقييم إلى وظيفة شكلية عاجزة عن مواكبة التحولات والإصلاحات.

وهنا تطرح الضرورة نفسها:
هل من المنطقي أن تستمر هذه الوضعية دون مراجعة؟
وهل لا تزال الوزارة قادرة على تحمل نتائج هذا الغياب المستمر للدور الرقابي البنّاء؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.