شهدت جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، ليوم الإثنين 21 يوليوز 2025، حالة من التوتر والفوضى، تحولت خلالها القاعة إلى ساحة مواجهة سياسية حادة، خصوصًا بين الفريقين الاشتراكي والاستقلالي، وذلك بعد أن تلت النائبة البرلمانية عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، عائشة الكرجي، أسماء الوزراء الغائبين عن الجلسة، ووصفت غياب وزير التجهيز والماء، نزار بركة، بـ”الكارثة العظمى”.
الكرجي، وفي إطار نقطة نظام، احتجّت على غياب أربعة وزراء من أصل تسعة قطاعات مبرمجة في جدول الجلسة، مسجلة غياب كل من الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري، وكاتب الدولة أديب بن إبراهيم، والوزيرة ليلى بنعلي، معتبرة استمرار هذا الغياب “استهتاراً واستخفافاً بالعمل التشريعي”، ومؤكدة في ذات الان أن من حق البرلمان ممارسة رقابته الكاملة على العمل الحكومي، بما في ذلك مساءلة الحضور.
لم تكتف النائبة البرلمانية بهذه الأسماء فقط، حيث وصفت غياب نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بـ”الكارثة العظمى”، وهو ما أثار موجة غضب شديدة في صفوف الفريق الاستقلالي، الذي احتج بشدة على العبارة، مطالبًا بسحبها وتقديم اعتذار رسمي.
رئيسة الجلسة، نادية التهامي، حاولت تهدئة الأوضاع، قائلة “المغاربة كيشوفونا”، في إشارة إلى ضرورة الحفاظ على صورة المؤسسة البرلمانية أمام الرأي العام، لكنها اضطرت إلى رفع الجلسة مؤقتًا بعد تصاعد الاحتجاجات، خاصة من أعضاء فرق الأغلبية الذين دعموا موقف الفريق الاستقلالي.
تم عقد اجتماع طارئ ضم رؤساء الفرق والمجموعة النيابية إلى جانب رئيس مجلس النواب، وخلص إلى قرار يقضي باستكمال الجلسة، شريطة عدم تكرار تلاوة أسماء الوزراء الغائبين، كما تقرر سحب تلك الأسماء من محضر الجلسة بشكل رسمي، وأكدت رئيسة الجلسة أن “الأمر حُسم ولن يتكرر مستقبلًا”.
لكن الجدل لم ينتهِ بعد. فمباشرة بعد استئناف الجلسة، تدخّل رئيس الفريق الاستقلالي، علال العمراوي، عبر نقطة نظام، مشددًا على أن “الوزير نزار بركة من بين أكثر الوزراء حضورًا”، وأن تقييم هذا الغياب يجب أن يتم بمسؤولية، بعيدًا عن الوصف المبالغ فيه.
في المقابل، أكد رئيس الفريق الاشتراكي، عبد الرحيم شهيد، أن المعارضة تمارس دورها الدستوري في الرقابة، موضحًا أن المقصود بـ”الكارثة” لم يكن الوزير شخصيًا، بل وضعية العطش التي يعاني منها المواطنون في عدة مناطق، وهي من صميم مهام وزارة التجهيز والماء، مضيفا : “إذا كنا نعلن عن غياب النواب، فمن المنطقي أن نعلن عن غياب الوزراء كذلك. ما نعيشه اليوم نوع من الإرهاب الفكري لا يمكن القبول به”.
من جانبه، عبّر النائب الاستقلالي إسماعيل بن بيي عن استغرابه مما وصفه بـ”الازدواجية في المواقف”، واعتبر أن ما حصل يمثل خلطًا بين الأدوار داخل البرلمان، مؤكدًا أن “الكارثة الحقيقية هي أن تتبنى المعارضة مواقف الأغلبية”. وطالب باعتذار واضح من الفريق الاشتراكي.
أما النائب الاشتراكي سعيد بعزيز، فاعتبر أن الإشكال ناتج عن “عدم احترام مقتضيات النظام الداخلي للمجلس”، مشيرًا إلى أن المادة 290 لا تمنع تلاوة أسماء الوزراء المتغيبين، وأنه كان من الأجدر الاستماع لمداخلة النائبة والرد عليها بشكل مؤسسي بدل المقاطعة والانفعال.
الجدل الذي أثارته الجلسة أعاد إلى الواجهة مسألة احترام الوزراء لمواعيد جلسات المساءلة البرلمانية، ودور البرلمان في مراقبة أداء السلطة التنفيذية، وسط دعوات لضمان التوازن بين حرية التعبير داخل المؤسسة التشريعية، والانضباط لمقتضيات النظام الداخلي والعمل المؤسسي الهادئ.

