في خطوة وُصفت بأنها محاولة لـ”تصحيح الصورة” عن الجامعة المغربية، أقر وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، بجملة من الأعطاب البنيوية التي تعيق أداء مؤسسات التعليم العالي، داعيًا إلى مراجعة شاملة تُواكب تحولات المجتمع وسوق الشغل الوطني والدولي.
الوزير، الذي كان يتحدث خلال الجامعة الصيفية لحزب الأصالة والمعاصرة، دافع بقوة عن الجامعة العمومية، معتبرا أن “المجتمع يجلد الجامعة بقسوة”، رغم أنها – حسب تعبيره – “المصدر الأول لأطر الدولة، ولها تراكم تاريخي لا يُنكر”.
لكن خلف هذا الدفاع العاطفي، لم يتردد المسؤول الحكومي في تقديم تشخيص صارم: اكتظاظ مزمن، ضعف التأطير، عجز في القيادة، ومحدودية الموارد.
وقال الوزير في هذا الصدد إن “بعض الجامعات تحولت إلى مؤسسات ضخمة تفتقر للفعالية وتُدار بمنطق التسيير لا التقييم”، مؤكداً على الحاجة إلى “إعادة التفكير في علاقة الوزارة بالجامعات”.
وأضاف أن ميزانية التعليم العالي “محدودة وغير مرنة”، مشيرا إلى أن الجامعات مطالبة بتطوير نماذج اقتصادية بديلة، تشمل التكوينات المؤدى عنها، الشراكات مع القطاع الخاص، وتأسيس شركات مساهمة تدعم البحث والابتكار.
أما في ما يخص البحث العلمي، فقد وصف الوزير النظام الحالي بـ”الهش والمعتمد على المبادرات الفردية”، منتقداً غياب الرؤية التنموية في توجيه الأبحاث، واستمرار هيمنة المقاربات النظرية على حساب التطبيقات العلمية الموجهة لحاجيات البلاد.
كما أقر بتأخر التعاون الدولي خاصة مع إفريقيا والدول العربية، مشيراً إلى “ضعف حضور الجامعات المغربية في التصنيفات الدولية”، فضلاً عن محدودية برامج الشهادات المشتركة والتنقل الأكاديمي.
وفي معرض طرحه للحلول، شدد ميداوي على ضرورة تعديل الإطار القانوني المنظم للتعليم العالي، بما يُمكّن من إحداث مجلس تداولي للجامعات، وتعزيز التعاقد والتقييم وربط المسؤولية بالمحاسبة.
كما دعا الوزير إلى اعتماد التعليم عن بُعد، التكوين بالتناوب، والتعلم مدى الحياة، باعتبارها صيغًا حديثة تتماشى مع المتغيرات المجتمعية والمهنية.


											