دخلت، اليوم الثلاثاء 20 ماي، تعديلات تنظيم الهجرة في إسبانيا حيز التنفيذ، حاملة معها وعودًا كبيرة بتسوية أوضاع مئات الآلاف من المهاجرين، لكنها في الوقت نفسه فجّرت موجة من الجدل والاعتراضات من منظمات حقوقية ونقابات، رأت فيها خطوات “منقوصة” تُقصي فئات هشة وتُعيد إنتاج نفس العراقيل القديمة.
التعديلات الجديدة التي أقرتها الحكومة الإسبانية نهاية العام الماضي، تهدف إلى تسريع وتبسيط إجراءات تسوية الوضعية القانونية لنحو 300 ألف مهاجر سنويًا، في إطار خمس قنوات مختلفة تشمل الحالات الاجتماعية، المهنية، العائلية، التكوينية، ولائحة “الفرصة الثانية”.
ومن أبرز ما تضمنه الإصلاح تقليص شرط الإقامة من ثلاث سنوات إلى سنتين فقط، مع منح الحق بالعمل فور الحصول على الإقامة، وهو تطور مهم بالنسبة لمن ظلوا لسنوات في الظل دون حماية قانونية أو مصدر دخل ثابت.
لكن هذه التسهيلات لم تُقنع منظمات الدفاع عن المهاجرين، التي سارعت إلى تقديم طعن أمام المحكمة العليا، معتبرة أن النص القانوني يُقصي طالبي اللجوء المرفوضين بشكل تعسفي، ويستثني فترات انتظارهم الطويلة من احتساب سنوات الإقامة.
تحذيرات أخرى جاءت من مؤسسة “المدافع عن الشعب” التي عبرت عن قلقها إزاء أوضاع القاصرين غير المرافقين، مؤكدة أن الإصلاح قد يُعمّق هشاشة وضعهم عند بلوغهم سن الرشد، ما لم تُتخذ تدابير واقعية لحمايتهم من الوقوع في وضعية غير قانونية.
في المقابل، اختار موظفو مكاتب الأجانب الاحتجاج بطريقة مختلفة، من خلال الاستمرار في إضراب جزئي دعت إليه نقابة “CC.OO”، احتجاجًا على ضعف الموارد البشرية التي تُعيق معالجة ملفات آلاف المهاجرين العالقة منذ شهور.
سياسيًا، لم تخلُ الساحة من المواقف الناقدة، إذ دعت أحزاب مثل “بوديموس” و”سومار” إلى تجاوز الحلول المؤقتة، وتسريع إقرار مبادرة التشريع الشعبي المعروفة بـ (ILP)، التي تدعو إلى تسوية شاملة لأكثر من 500 ألف مهاجر يعيشون حاليًا في وضع هش دون أوراق قانونية.
وبينما تحتفي الحكومة بما وصفته بـ”التحول التاريخي”، يحذر الحقوقيون من أن النجاح الحقيقي لهذه الإصلاحات لن يُقاس بعدد الوعود، بل بمدى التزام الدولة بتحقيق إدماج فعلي وعادل، لا يستثني أحدًا ولا يعيد إنتاج نفس الإقصاء بصيغة قانونية جديدة.