خرج الرئيس محمود عباس بخطاب ناري من مقر الرئاسة في رام الله، شنّ فيه أعنف هجوم سياسي على حركة “حماس” منذ سيطرتها على قطاع غزة عام 2007، معتبرًا أنها تتحمّل مسؤولية مباشرة في تعميق الكارثة الوطنية والإنسانية في القطاع، وإطالة أمد العدوان الإسرائيلي المستمر.
الرئيس الفلسطيني، الذي بدا غاضبًا ومتوترًا، حمّل حماس مسؤولية ما وصفه بـ”النكبة الثانية”، معتبرًا أن المشروع الوطني الفلسطيني تلقى ضربة قاصمة منذ الانقلاب على الشرعية في غزة سنة 2007، والذي مهّد – حسب قوله – الطريق أمام الاحتلال لتفتيت الوحدة الوطنية وإضعاف المؤسسات الرسمية.
وفي واحدة من أكثر العبارات إثارة للجدل، خاطب عباس حماس قائلًا: “يا ولاد الكلب، سلّموا الرهائن حتى لا تكون لإسرائيل أي ذريعة”، في إشارة إلى استمرار احتجاز رهائن، بينهم أجانب، من قِبل الجناح العسكري لحماس. واعتبر أن رفض الحركة إطلاق سراح رهينة أمريكي، على وجه الخصوص، يمنح إسرائيل مبررات إضافية لتوسيع عدوانها على غزة، مشددًا على أن استمرار الحرب لا يخدم إلا الاحتلال.

وأوضح عباس أن ما يجري في قطاع غزة هو “حرب إبادة شاملة”، كاشفًا أن القطاع فقد أكثر من 200 ألف شخص بين قتيل وجريح، ومتهمًا حماس بتحويل غزة إلى ساحة دمار سياسي وإنساني. وتساءل مستنكرًا: “إذا تم إبادة الشعب أو طرده، فماذا يبقى من القضية؟”، معتبرًا أن المأساة في غزة تُستخدم اليوم كورقة تفاوض على حساب الأرواح الفلسطينية.
ودعا عباس قيادة حماس إلى “تسليم السلطة والسلاح للقيادة الشرعية”، والانخراط في الإطار السياسي الوطني عبر منظمة التحرير الفلسطينية، مشددًا على أن الوحدة الوطنية لا يمكن أن تقوم على ازدواجية السلطة أو السلاح. وقال: “لا دولة بسلاحين، ولا مشروع وطني بطرفين متصارعين، ولا شرعية من دون قانون ومؤسسات”.
وأكد عباس أن الحل يبدأ من إنهاء الانقسام، وإعادة غزة إلى الشرعية، وأن الاستمرار في “التحكم المنفرد بمصير القطاع” من قبل حماس يُسهم في تقويض أي أفق سياسي للحل، ويفتح الباب أمام الاحتلال لتبرير مزيد من المجازر تحت عنوان “محاربة الإرهاب”.
وقد أثارت تصريحات الرئيس الفلسطيني ردود فعل متباينة داخل الساحة الفلسطينية، حيث اعتبرها البعض لحظة صدق وغضب من قيادة لم تعد قادرة على تحمّل تبعات الانقسام، بينما رأى آخرون أنها تصب الزيت على النار في وقت يحتاج فيه الشعب الفلسطيني إلى رص الصفوف وتوحيد الكلمة.